وقد يقرر هذا وجها على حدة ، ويقال : لا ريب في مضادة الصفات المتقابلة المأخوذة من المبادئ المتضادة ، على ما ارتكز لها من المعاني ، فلو كان المشتق حقيقة في الأعم ، لما كان بينها مضادة بل مخالفة ، لتصادقها فيما انقضى عنه المبدأ وتلبس بالمبدإ الآخر.
ولا يرد على هذا التقرير ما أورده بعض الأجلّة من المعاصرين ، من عدم التضاد على القول بعدم الاشتراط ، لما عرفت من ارتكازه بينها ، كما في مبادئها.
إن قلت : لعل ارتكازها لأجل الانسباق من الاطلاق ، لا الاشتراط.
______________________________________________________
اللفظ موضوعا للجامع ويستعمل في كلا الموردين ، من غير أن يكون استعماله في أحدهما نادرا ومع ذلك ينسبق أحدهما بخصوصه إلى الأذهان عند الاطلاق ، وليكن المقام من هذا القبيل مثلا صيغة الأمر تستعمل في مورد الوجوب النفسي وفي مورد الوجوب الغيري ، ولا يكون استعمالها في موارد الوجوب النفسي أكثر من موارد الوجوب الغيري ، مع أنّه ينسبق إلى الأذهان عند إطلاقها الوجوب النفسي ، فلا يكون الانسباق الاطلاقي مختصّا بموارد ندرة استعمال اللفظ في أحد الموردين وشيوعه في المورد الآخر.
أمّا الدفع ، فلأنّ تمايز الوجوب النفسي عن الوجوب الغيري بالإطلاق والتقييد ثبوتا ، فيكون فهم الوجوب الغيري في مقام الإثبات أيضا بالتقييد ، وأمّا الوجوب النفسي فيكفي في تفهيمه إطلاق الطلب في مقام الإثبات مع تماميّة مقدّمات الإطلاق ولا يقاس ذلك بما إذا لم يكن امتياز فرد من الجامع عن فرده الآخر إلّا بالخصوصيّة الخارجيّة لكلّ منهما ، مع تباين تلك الخصوصيّتين ، كما في امتياز المتلبّس بالمبدإ في الحال عن المنقضي عنه المبدأ ، فلا يكون انسباق المتلبّس من المشتقّ مع كثرة استعماله في موارد الانقضاء من الانسباق الاطلاقي.