حقيقة وبلا واسطة في العروض ، كما في الماء الجاري ، بل يكفي التلبس به ولو مجازا ، ومع هذه الواسطة ، كما في الميزاب الجاري ، فاسناد الجريان إلى الميزاب ، وإن كان إسنادا إلى غير ما هو له وبالمجاز ، إلّا أنّه في الاسناد ، لا في الكلمة ، فالمشتق في مثل المثال ، بما هو مشتق قد استعمل في معناه الحقيقي ، وإن كان مبدؤه مسندا إلى الميزاب بالإسناد المجازي ، ولا منافاة بينهما أصلا ، كما لا يخفى ، ولكن ظاهر الفصول بل صريحه ، اعتبار الإسناد الحقيقي في صدق المشتق حقيقة ، وكأنّه من باب الخلط بين المجاز في الإسناد والمجاز في الكلمة ، وهذا ـ هاهنا ـ محل الكلام بين الأعلام ، والحمد لله ، وهو خير ختام.
______________________________________________________
استعمال المشتق في معناه ، كما في قوله (الميزاب جار).
وبتعبير آخر : يكون المجاز في الإسناد لا في الكلمة ، فإنّ المجاز في الكلمة عبارة عن استعمالها في غير ما وضعت له ، والمشتق في موارد المجاز في الإسناد لا يستعمل في غير معناه الموضوع له ، بل يكون تطبيق ذلك المعنى الموضوع له عليه بالعناية ، فما عن صاحب الفصول قدسسره من اشتراط تلبّس الذات بالمبدإ في استعمال المشتق حقيقة (١) غير صحيح.
أقول : عبارة الماتن لا تخلو عن التعقيد والاضطراب ، والمراد ما ذكرنا ، فإنّ المراد من قوله «حقيقة» ليس قيدا للصدق والجري ، بل قيد للمشتق ، أي لا يعتبر في حمل المشتق بمعناه الحقيقي على الذات ، تلبّس تلك الذات بالمبدإ حقيقة ، بل يكفي تلبّسها بالعناية ، فيكون الإسناد مجازيا.
__________________
(١) الفصول الغروية : ص ٥٠.