نعم لا مضايقة في دلالة مثل صيغة الطلب والاستفهام والترجي والتمني ـ بالدلالة الالتزامية ـ على ثبوت هذه الصفات حقيقة ، إمّا لأجل وضعها لإيقاعها ، فيما إذا كان الداعي إليه ثبوت هذه الصفات ، أو انصراف إطلاقها إلى هذه الصورة ، فلو لم تكن هناك قرينة ، كان إنشاء الطلب أو الاستفهام أو غيرهما بصيغتها ، لأجل كون الطلب والاستفهام وغيرهما قائمة بالنفس ، وضعا أو إطلاقا.
______________________________________________________
أقول : ما ذكره قدسسره من أنّ الطلب غير الإرادة فهو صحيح ، سواء قيل بأنّ الإرادة هي الشوق المؤكّد المحرّك للعضلات نحو الفعل ، أو قيل بأنّ الإرادة غير الشوق المزبور ، كما سيأتي ، بل هي عبارة عن اختيار أحد طرفي الشيء من الفعل أو الترك ، فإنّ الطلب لا يطلق على شيء منهما ، بل هو عنوان للحركة نحو الفعل والتصدّي لحصوله.
إلّا أنّ ما ذكره قدسسره من أنّ المنشأ بمادة الأمر وبصيغته أو بغيرهما هو النسبة الإيقاعية ، ويكون المنشأ بعد إنشائه واعتباره مصداقا للطلب ، حيث إنّ الطلب تصدّي المولى للوصول إلى مقصوده وهو فعل العبد ، لا يمكن المساعدة عليه ؛ إذ تقدّم أنّ الوجدان في موارد إيجاب الفعل وندبه شاهد على أنّ المستعمل فيه للصيغة أمر واحد ، مع أنّه لا يكون للمكلّف عهدة في موارد الندب ، فلا بدّ من أن يكون «كون الفعل على العهدة» خارجا عن المستعمل فيه ، ولا منافاة بين أن يكون المنشأ فيها عنوان الطلب ، ويكون المنشأ بعد إنشائه مصداقا للطلب ، فلاحظ قول البائع : بعت مالي بكذا ، فإنّه إنشاء لعنوان البيع ، ويكون المنشأ بعد إنشائه مصداقا للبيع.
نعم لا ينحصر مصداق الطلب بإنشاء عنوانه ، بل يحصل ذلك العنوان باعتبار الفعل على عهدة العبد وإبرازه بمبرز ، مثل قوله : عليك أو عليه هذا العمل ، فيما إذا كان القصد انبعاثه إلى ذلك العمل أو لرجاء الانبعاث ، إلّا أنّ ذلك ليس معنى