.................................................................................................
______________________________________________________
أو إبقائه على عدمه ، والشوق المؤكّد غير هذين الأمرين ، والشاهد على عدم كون الشوق المؤكّد علّة لصدور الفعل منّا فضلا عن كونه علّة تامّة هو صدور بعض الأفعال عن الإنسان باختياره بلا اشتياق منه إلى الفعل المفروض ، فضلا عن كونه مؤكّدا ، كما إذا أصابت عضو الإنسان آفة ، يتوقّف دفع سرايتها إلى سائر بدنه والتحفّظ على حياته على قطع ذلك العضو ، فإنّ تصدّيه لقطعه بالمباشرة أو بغيرها يكون بلا اشتياق منه إلى القطع ، بل ربّما لا يحبّ الحياة بدون ذلك العضو المقطوع ، ولكن يقطعه امتثالا لما هو الواجب عليه شرعا تخلّصا من عذاب مخالفة التكليف ، وأيضا الشوق المؤكّد قد يتعلّق بفعل لا يتمكّن منه ويعلم بعدم الوصول إليه ، مع أنّ العاقل لا يريد غير المقدور له ، وكلّ من الأمرين شاهد قطعي على أنّ الشوق المؤكّد غير الإرادة التي لا تتعلّق بغير المقدور مع الالتفات إلى أنّه غير مقدور ، نعم قد يكون الاشتياق ـ مؤكّدا أو غير مؤكّد ـ داعيا له إلى إرادة المشتاق إليه أو إرادة الإتيان بأعمال يترتّب عليها ذلك المشتاق إليه جزما أو احتمالا ، وهذا أمر نتعرّض له إن شاء الله تعالى.
هذا بالإضافة إلينا ، وأمّا بالإضافة إلى ذات الحق (جلّ وعلا) فلا دليل على أنّ إرادة الله (سبحانه) من صفات الذات حتّى تفسّر بالعلم أو بالابتهاج الذاتي والرضا ، بل قام الدليل على أنّها من صفات الأفعال ، كما أنّ الرضا والسخط أيضا من صفات الأفعال ، ولا يرتبطان بصفات الذات ، كالقدرة والعلم والحياة.
فقد ورد في صحيحة عاصم بن حميد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قلت : لم يزل الله مريدا ، قال : لا يكون المريد إلّا لمراد معه ، لم يزل الله عالما قادرا ثمّ أراد (١).
__________________
(١) الكافي : ١ / ١٠٩ ، باب الإرادة أنّها من صفات الفعل ، الحديث ١.