.................................................................................................
______________________________________________________
خارجا ؛ لأنّه تعالى بذاته صرف القدرة وصرف العلم وصرف الإرادة ، ولكن كلّ منها غير الآخر مفهوما ، وعلى ذلك فلا يصحّ تحديد إرادته (سبحانه) بالعلم بالنظام الكامل التامّ والعلم بالصلاح ؛ ولذا قال أكابر القوم (١) : إنّ الإرادة في ذات الحق (جلّ وعلا) هو الابتهاج والرضا وما يقاربهما في المعنى ، لا العلم بالنظام أو الصلاح في الفعل. نعم الإرادة فينا هي الشوق المؤكّد.
والسرّ في الاختلاف وتحديد الإرادة منّا بالشوق المؤكّد وفي ذات الحق (جلّ وعلا) بصرف الابتهاج الذاتي والرضا هو إنّا لمكان إمكاننا وقصور فاعليّتنا حيث نحتاج ـ في ظهور هذه الفاعلية إلى الفعلية ـ إلى مقدمات زائدة على ذاتنا من تصور الفعل والتصديق بالفائدة ، فبالشوق الأكيد تصير القوة الفاعلية فعليّة ومحرّكة للعضلات ، بخلاف ذات الحقّ (جلّ وعلا) ، فإنّه خال عن جهات القوّة والنقص وعدم الفعلية ، فإنّه فاعل بذاته المريدة ، حيث إنّ ذاته بذاته مبتهجة أتمّ الابتهاج وينبعث عن الابتهاج الذاتي الإرادة الفعلية ، كما وردت الأخبار بذلك عن الأئمّة الأطهار (صلوات الله وسلامه عليهم) ، انتهى ما أردنا إيراده من كلامه قدسسره (٢).
ولكن لا يخفى أنّ الشوق المؤكّد منّا لا يطلق عليه الإرادة ، فإنّ الإرادة تطلق على أحد أمرين :
أحدهما : القصد إلى الفعل والعزم والبناء على العمل.
ثانيهما : بمعنى الاختيار ، وهو صرف القدرة في أحد طرفي الشيء من الفعل
__________________
(١) القبسات للسيد ميرداماد : ص ٣٢٢.
(٢) نهاية الدراية : ١ / ٢٧٨.