الندب ، مع الاعتراف بعدم دلالته عليه بحال أو مقال ، وكثرة الاستعمال فيه [١] في الكتاب والسنة وغيرهما لا يوجب نقله إليه أو حمله عليه ، لكثرة استعماله في الوجوب أيضا ، مع أن الاستعمال وإن كثر فيه ، إلّا أنّه كان مع القرينة المصحوبة ، وكثرة الاستعمال كذلك في المعنى المجازي لا يوجب صيرورته مشهورا فيه ، ليرجح أو يتوقف ، على الخلاف في المجاز المشهور ، كيف؟ وقد كثر استعمال العام في الخاص ، حتّى قيل : (ما من عام إلّا وقد خص) ولم ينثلم به ظهوره في العموم ، بل يحمل عليه ما لم تقم قرينة بالخصوص على إرادة الخصوص.
______________________________________________________
ومع ثبوت ترخيصه يكون ندبا ، وإذا لم يؤخذ في مدلول الصيغة خصوصية الطالب ، فكيف يكون الوجوب أو الندب داخلا في المدلول الوضعي للصيغة مع أنّهما فرع علوّ الطالب ، وما ذكره قدسسره من عدم صحّة الاعتذار عن المخالفة باحتمال إرادة الندب ، لا يكون دليلا على أنّ الظهور وضعي لا إطلاقي ، ولعله لذلك عدّة مؤيّدا.
[١] هذا شروع في الردّ على صاحب المعالم قدسسره ، حيث ذكر عدم ظهور الصيغة في الوجوب ، معلّلا بكثرة استعمالها في الندب في الأخبار المروية عن الأئمّة عليهمالسلام فيشكل الحكم بوجوب فعل بمجرّد ورود الأمر به بالصيغة.
وحاصل الدفع أنّ استعمال الصيغة في الاستحباب وإن كان كثيرا ، إلّا أنّ كثرة الاستعمال إذا كانت بالقرينة المتصلة في أكثر الموارد لا توجب انقلاب ظهور اللفظ أو إجماله ، وإنّما توجب ذلك إذا كانت مع القرينة المنفصلة ، فإنّه في هذه الصورة يحصل للذهن أنس بين اللفظ ومعناه المجازي ، فيوجب انقلابه أو إجماله ، ألا ترى أنّ صيغ العموم الوضعى أو أداته قد استعملت في الخصوص عند صاحب المعالم قدسسره كثيرا ، بحيث قيل : ما من عامّ إلّا وقد خصّ ، إلّا أنّ الكثرة بما أنّها تكون مع المخصّص المتصل ، لا توجب انقلاب ظهورها.