يظهر بعد كون عقيب الحظر موجبا لظهورها في غير ما تكون ظاهرة فيه.
غاية الأمر يكون موجبا لإجمالها ، غير ظاهرة في واحد منها إلّا بقرينة أخرى ، كما أشرنا.
______________________________________________________
ونسب إلى بعض العامّة القول بعدم الفرق بين ورود صيغة الأمر في هذا المقام وبين ورودها في غيره في ظهورها في وجوب الفعل. كما نسب إلى بعض القول بظهورها في ما كان الفعل عليه قبل النهي عنه إذا علق الأمر بزوال موجب النهي ، كما في قوله سبحانه : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)(١).
وقد استدلّ كلّ فريق على ما ذهب إليه ببعض استعمالاتها ، ولكن القرينة في تلك الموارد على إرادة الترخيص والاذن أو الوجوب أو الرجوع إلى ما قبل الحظر موجودة ، ومع قطع النظر عن تلك القرائن لم يظهر أنّ وقوعها عقيب الحظر يوجب ظهورها في غير ما كانت ظاهرة فيه قبل الحظر ، بل وقوعها كذلك يوجب إجمالها وعدم الظهور في شيء منها بخصوصه.
لا يقال : قد تقدّم أنّ دلالة الصيغة على وجوب الفعل بالإطلاق وعدم الترخيص في ترك متعلّق الطلب ، وتعلّق الطلب به مع ورود صيغة الأمر محرز ، وإذا لم يبيّن الترخيص في تركه يكون مقتضاه الوجوب ، كما تقدّم.
فإنّه يقال : إنّما يتمسّك بإطلاق الطلب فيما إذا كان تعلّق الطلب بالفعل بداعي البعث نحوه محرزا ، إمّا بالوضع أو بالانصراف ، وفي المقام لم يحرز كون تعلّق الطلب بالفعل بداعي البعث حتّى يحمل على الوجوب ، لاقتران الخطاب بما يصلح قرينة على أنّه بداعي الترخيص فيه ، وبيان عدم الحظر أو ارتفاعه ، كما لا يخفى.
__________________
(١) سورة التوبة : الآية ٥.