يكون الإتيانان امتثالا واحدا ، لما عرفت من حصول الموافقة بإتيانها ، وسقوط الغرض معها ، وسقوط الأمر بسقوطه ، فلا يبقى مجال لامتثاله أصلا ، وأمّا إذا لم يكن الامتثال علة تامة لحصول الغرض ، كما إذا أمر بالماء ليشرب أو يتوضأ فأتي
______________________________________________________
وما ذكره قدسسره في أوّل الأمر من أنّ مقتضى الإطلاق جواز عدم الاقتصار على المرة ، لا يخفى ما فيه ، فإنّ الإتيان بذات الفعل ثانيا وثالثا جائز ، ولكن لا يجوز بقصد الامتثال ؛ لسقوط الأمر بالطبيعي بالإتيان بالفرد الأوّل ، فإنّ مقتضى إطلاق المادة عدم أخذ الخصوصية في المتعلّق ، كما تقدّم ، ومقتضى إطلاق الهيئة تعلّق الطلب بما لم يلاحظ فيه الخصوصية لا تعلّقه بالخصوصيات أيضا.
وما ذكره ثانيا من أنّه مع عدم حصول الغرض الأقصى فلا بأس بالامتثال ثانيا أيضا غير صحيح ؛ لأنّ بقاء الغرض الأقصى مع حصول الغرض من متعلّق التكليف وهو تمكن الآمر من تناول الماء في المثال لا يوجب بقاء التكليف بذلك المتعلّق ليمكن الامتثال الآخر بعد الامتثال الأوّل.
ودعوى أنّه لو أريق الماء الأوّل لزم على العبد الإتيان به ثانيا ، وهذا دليل على بقاء التكليف ما دام لم يحصل الغرض لا يمكن المساعدة عليها ، فإنّ العلم بالغرض في نفسه ملزم للعبد بالفعل ومع إراقة الماء يعلم بعدم حصول الغرض الذي هو تمكّنه من تناول الماء وهو ملزم له بالفعل ثانيا ، ولذا لو علم العبد بهذا الغرض وغفل المولى عن حضور عبده عنده ليأمره بالإتيان بالماء كان عليه الإتيان به وجاز للمولى أن يؤاخذه على تركه.
نعم ، بقي في المقام أمر وهو أنّه قد يكون لمتعلّق الطلب مصاديق يختلف بعضها مع بعض في الملاك ، فيكون ملاك الطلب في بعضها أقوى وأكثر بالإضافة إلى بعضها الآخر ، كما في الأمر بالتصدّق على الفقير ، فإنّه يمكن التصدّق على فقير