والتحقيق : إن قضية الإطلاق إنّما هو جواز الإتيان بها مرة في ضمن فرد أو أفراد ، فيكون إيجادها في ضمنها نحوا من الامتثال ، كإيجادها في ضمن الواحد ، لا جواز الإتيان بها مرة ومرات ، فإنّه مع الاتيان بها مرة لا محالة يحصل الامتثال ويسقط به الأمر ، فيما إذا كان امتثال الأمر علة تامة لحصول الغرض الأقصى ، بحيث يحصل بمجرده ، فلا يبقى معه مجال لاتيانه ثانيا بداعي امتثال آخر ، أو بداعي أن
______________________________________________________
الطلب وأنّ مفاد الهيئة تعلّق الطلب بالمادة ومفاد مادّتها الطبيعي المقيّد بالمرة ، ففي الفرض لا يجوز الإتيان بالطبيعي مرة أخرى ، فإنّ الإتيان مرة أخرى يوجب عدم حصول متعلّق الطلب أصلا ، كما هو الحال في الركوع الواجب في كلّ ركعة من ركعات الفريضة.
وأمّا إذا كان مراده دلالة هيئة الصيغة على أنّ الطلب المتعلّق بطبيعي الفعل واحد وأنّه لا تعدّد في ناحية الطلب المتعلّق بالطبيعي لا لزوما ولا استحبابا ، ففي مثل ذلك وإن لم يجز الإتيان بالفرد الآخر من الطبيعي امتثالا لطلب آخر إذ لا تعدّد فيه حسب الفرض ، إلّا أنّه إذا أتى بالفرد الآخر بلا قصد الامتثال أو حتّى معه فلا يضرّ بالامتثال الأوّل ، كما هو الحال في غسل الوجه أو اليد اليمنى في الوضوء ثلاث مرات ، فإنّ المكلف في الفرض وإن شرع بقصد الامتثال بالفرد الآخر مع علمه بالحال إلّا أنّه لا يضر بامتثاله بالفرد الأوّل ، ويترتّب على ذلك أنّه لو أعاد الجنب غسله بعد اغتساله من الجنابة أوّلا فلا تضرّ الإعادة بصحّة اغتساله الأوّل.
وكذلك الحال فيما لو قلنا بعدم دلالة الصيغة على المرة ولا التكرار لا بمادتها ولا بهيئتها ، بل مفادها طلب صرف وجود الطبيعي ، فإنّه بعد حصول صرف وجوده بالفرد الأوّل لا يبقى مجال للامتثال بالفرد الآخر ، ولكن إذا أتى بالفرد الآخر بلا قصد الامتثال أو معه ، فلا يضرّ بالامتثال بالفرد الأوّل.