وفيه منع ، ضرورة أنّ سياق آية (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وكذا آية (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) إنّما هو البعث نحو المسارعة إلى المغفرة والاستباق إلى الخير ، من دون استتباع تركهما للغضب والشر ، ضرورة أن تركهما لو كان مستتبعا
______________________________________________________
وتلك القرينة مستفادة من قوله تعالى : (سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)(١) و (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ)(٢) ؛ لأنّ مفادهما وجوب المبادرة إلى الخير وموجب المغفرة ، وأمّا أنّ أيّ شيء خير أو موجب للمغفرة فلا تعرّض فيهما لذلك ، والمستفاد من إطلاق الصيغة ونحوها كما تقدّم أنّ طبيعي الفعل ـ في أي زمان حصل ـ خير وموجب للمغفرة ، وإذا انضمّ ذلك إلى الكبرى المستفادة من الآيتين تكون النتيجة وجوب الإتيان فورا ففورا ، فإنّه على تقدير الترك في الآن الأوّل يكون الإتيان به في الآن الثاني مسارعة واستباقا بالإضافة إلى الأزمنة اللاحقة وهكذا.
وأجاب الماتن قدسسره عن دعوى هذه القرينة العامّة بجوابين :
الجواب الأوّل : أنّ طلب المسارعة إلى الخير وموجب المغفرة استحبابي ، ولا أقلّ المستفاد منها مطلق مطلوبيّتهما لا الطلب الوجوبي ، وذلك لأنّ ظاهر الأمر بالمسارعة إلى الخير والمبادرة إلى موجب المغفرة أنّه ليس فيهما (يعني في المسارعة والاستباق) ملاك ملزم آخر يفوت بالإتيان بالخير وموجب المغفرة مع التأخير ، ليكون ترك المسارعة والاستباق موجبا للغضب والسخط من جهة تفويت الملاك الملزم بالتأخير في إتيان موجب المغفرة وبالإتيان بالخير فيما بعد ، ولو كان تركهما كذلك لكان الأمر بهما بنحو التحذير أنسب ؛ لئلّا يكون لهما ظهور في عدم
__________________
(١) سورة آل عمران : الآية ١٣٣.
(٢) سورة البقرة : الآية ١٤٨.