.................................................................................................
______________________________________________________
الآخرين باستباق واحد منهم ، وعلى ما ذكر فلا يوجب اختصاص الأمر باستباق الخيرات بالواجبات الكفائية ، حيث إنّ فوت ملاك السبق لا يلازم فوت ما يتسابق فيه ، وأمّا آية المسارعة ، فليس فيها دلالة على المسابقة المعروفة ، وما اشتهر من أنّ باب المفاعلة يكون بين الاثنين أمر لا أساس له ، وسارعوا إلى مصارعهم أو مضاجعهم ، يعني أراد كلّ الوصول إلى مصرعه أو مضجعه بسرعة.
وإذا كان المراد من المغفرة في الآية موجب الغفران والتزم بأنّ الواجبات من موجباتها كما يستظهر من قوله سبحانه (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ)(١) فلا وجه لاختصاص الأمر بالمسارعة إليها ، بواجب دون واجب لحصول الملاك في كلّ منها.
نعم لو قيل إن المراد منها التوبة عن الفواحش كما لا يبعد ، بقرينة ما ذكر بعد ذلك ، فلا ترتبط الآية بالإتيان بالمأمور به فورا.
ثمّ إنّه ـ مع الإغماض عمّا تقدّم في تقرير كلام الماتن في جوابه الثاني من أنّ ظاهر الآيتين كون الأمر بالاستباق في الخيرات والمسارعة إلى المغفرة هو الإرشاد والأمن من عدم حصول الامتثال والغفران ـ يمكن أن يقال إنّ الأمر بالاستباق والمسارعة فيهما لا يناسب الإلزام ، وإلّا لخرج العمل مع التأخير عن كونه خيرا وموجبا للمغفرة ، حيث يكون التأخير موجبا للوزر. وإن شئت قلت يكون التأخير وترك السبق عنوانا مزاحما لكون العمل خيرا وموجبا للغفران ، وظاهر الآيتين كون ما في الاستباق والمسارعة من الملاك أمرا انضماميا الى ملاك الخير وموجب الغفران من دون أن يكون في تركهما مزاحمة للخير وموجب الغفران.
__________________
(١) سورة هود : الآية ١١٤.