.................................................................................................
______________________________________________________
وهذا نظير ما قلناه في مسألة وجوب التوبة من عدم كون وجوبها شرعيا ، وإنّما يكون عقليا دفعا للضرر الحاصل من العمل السابق. نعم لا بأس بالالتزام بكونها مطلوبا نفسيا بما فيها من التضرّع والخشوع والاستغفار.
والوجه في عدم كون وجوبها شرعيا أنّ التوبة قد فتح بابها ربّ العالمين رحمة لعباده ، ومقتضاها أن لا يزيد فتح بابها وزرا على العبد فيما إذا توانى فيها ، وقد ذكرنا أنّ ذلك يستفاد من بعض الروايات المعتبرة (١) ، ومدلولها أنّه إذا صدرت معصية من عبد مؤمن أجّله الله ساعات ، فإنّ تاب لا يكتب عليه وزر وذنب ، وإذا لم يتب يكتب عليه ذلك الذنب لا ذنبان ، فراجع.
بقي في المقام أمر ، وهو أنّه قد يدّعى أنّ الصيغة وما بمعناها وإن لم تكن لها دلالة بنفسها على لزوم الإتيان والعمل فورا وفي أوّل أزمنة الإمكان لما تقدّم من أنّ مدلول الهيئة طلب الإيجاد ، ومدلول المادة نفس طبيعي الفعل ، إلّا أنّ في البين قرينة عامّة على أنّ طلب الطبيعي يراد به طلب إيجاده في أوّل أزمنة الإمكان عرفا ما لم يكن في البين قرينة خاصّة على خلافها ، والقرينة العامّة هي توجيه الخطاب إلى الشخص ، حيث إنّ التوجيه قرينة على أنّ الغرض في الطبيعي حين توجيه الخطاب ، لا في الطبيعي ولو وجد بعد سنوات ، سواء كان الغرض ممّا يعود إلى الآمر أو إلى المأمور.
ولكن لا يخفى أنّ هذه الدعوى لو سلّمت في الخطاب الخاصّ المتوجّه إلى شخص أو أشخاص متضمّن لتكليفهم بفعل ، فهي لا تجري في الخطابات العامّة المتضمّنة
__________________
(١) الوسائل : ج ١١ ، الباب ٨٥ من أبواب جهاد النفس.