قلت : نعم ، لكنه لا ينافي كون النزاع فيهما ، كان في الاقتضاء بالمعنى المتقدم ، غايته أن العمدة في سبب الاختلاف فيهما ، إنّما هو الخلاف في دلالة دليلهما ، هل أنّه
______________________________________________________
الإجزاء بالإضافة إلى أمره فإنّه لا يكون إلّا كبرويّا» (١) أي بخلاف البحث في أنّ الإتيان بهما يجزي عن أمر نفسهما ، فإنّ البحث فيه على تقديره كبروي لا محالة ، هو أنّ مع الإتيان بالمأمور به على وجهه يكون المأتي به واجدا لتمام ملاك متعلّق التكليف ، ويبحث في المسألة في أنّ المأتي به كذلك يوجب سقوط التكليف ، بحيث لا يكون مجال للامتثال ثانيا ، لا أداء ولا قضاء ، أو لا يوجب سقوطه مطلقا كما يأتي ، وبما أنّ البحث في المأتي به الظاهري أو الاضطراري يقع في دلالة دليلهما على أنّهما واجدان لملاك المأمور به الواقعي والاختياري لا محالة يكون البحث في إجزائهما عن التكليف الواقعي والاختياري بحثا صغرويا ، بخلاف البحث في أنّ الإتيان بهما يجزي عن أمر نفسهما ، فإنّ هذا البحث والخلاف على تقديره كما نقل عن بعض يكون كبرويا لا محالة ؛ لأنّ المزبور حصول ملاك المأمور به الظاهري أو الاضطراري في المأتي به منهما.
وذكر المحقّق الاصفهاني قدسسره أنّ المراد بالاقتضاء في عنوان الخلاف وإن كان هو الاقتضاء الثبوتي لا الإثباتي (أي الكشف والدلالة) ولذا نسب الاقتضاء في العنوان إلى الإتيان لا إلى الأمر بالشيء ، إلّا أنّ في إسناد الاقتضاء إلى الإتيان لكونه علة لسقوط الأمر بالفعل أو لعدم الأمر بالقضاء والتدارك مسامحة ؛ لأنّ الإتيان بمتعلّق الأمر معلول للأمر به ، فكيف يكون الإتيان علة لعدم الأمر به ، فإنّ الشيء لا يمكن أن يكون علّة لعدم نفسه ، بل سقوط الأمر مستند إلى انتهاء أمده وعدم بقاء الغرض منه
__________________
(١) الكفاية : ص ٨٢.