ثالثها : الظاهر أن الإجزاء ـ هاهنا ـ بمعناه لغة ، وهو الكفاية [١] ، وإن كان يختلف ما يكفي عنه ، فإنّ الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي يكفي ، فيسقط به التعبد به ثانيا ، وبالأمر الاضطراري أو الظاهري الجعلي ، فيسقط به القضاء ، لا أنّه يكون ـ هاهنا ـ اصطلاحا ، بمعنى إسقاط التعبد أو القضاء ، فإنه بعيد جدا.
رابعها : الفرق بين هذه المسألة ، ومسألة المرة والتكرار [٢] ، لا يكاد يخفى ، فإنّ البحث ـ هاهنا ـ في أن الإتيان بما هو المأمور به يجزي عقلا ، بخلافه في تلك المسألة ، فإنّه في تعيين ما هو المأمور به شرعا بحسب دلالة الصيغة بنفسها ، أو بدلالة أخرى.
______________________________________________________
وما ذكره المحقّق الاصفهاني قدسسره من أنّ الإتيان بمتعلّق الأمر معلول للأمر به ففيه أنّ الأمر لا يكون علّة ، بل يمكن أن يكون داعيا ومرجّحا لاختيار المكلف ، ولكن لا بوجوده الواقعي ، بل بوجوده الإحرازي والعلمي ، والفرق بين المرجح والداعي وبين العلّة تقدّم تفصيله في بحث الطلب والإرادة.
[١] قد فسّر في كلام جماعة الإجزاء بسقوط التعبّد ثانيا وبسقوط القضاء ، وعليه يكون استعماله فيهما من استعمال اللفظ في معنيين مختلفين ، ولكن لا يخفى أنّه ليس للإجزاء معنى مصطلح ، بل المراد منه المعنى اللغوي وهو الكفاية ، ويختلف ما يكفي عنه ، فإن كان ما يكفي عنه الأمر به ، فلازم الكفاية عدم لزوم الإعادة أو عدم جواز تكرار الامتثال ، وإن كان الأمر الآخر كما في إجزاء الإتيان بالمأمور به الظاهري عن الواقعي وإجزاء المأمور به الاضطراري عن الاختياري ، فلازمه عدم لزوم التدارك أو القضاء.
[٢] ذكر قدسسره أنّ الفرق بين البحث السابق في دلالة صيغة الأمر على المرة أو التكرار ، وبين البحث في هذه المسألة ظاهر ، حيث كان البحث في تلك المسألة في