.................................................................................................
______________________________________________________
الحديث الناسخ ، فإنّ النسخ في المقام ، وإن لم يكن بمعناه المعروف بل المراد منه التقييد والتخصيص ، إلّا أنّ العمل بالكتاب قبل ورود المخصّص أو المقيّد عليه كما كان يجزي كذلك العمل بالحديث قبل ورود الحديث اللاحق ، ويؤيّد ذلك الإجماعات المنقولة في المقام على الإجزاء حيث قال في العروة : «فإذا أفتى المجتهد الأوّل بجواز الذبح بغير الحديد مثلا ، فذبح حيوانا كذلك ، فمات مجتهده ، وقلّد من يقول بحرمته ، فإن باعه أو أكله حكم بصحّة البيع وإباحة الأكل ، وأمّا إذا كان الحيوان المذبوح موجودا فلا يجوز بيعه ولا أكله» ، وقال قبل ذلك : «وكذا لو أوقع عقدا أو إيقاعا بتقليد مجتهد يحكم بصحّته ، فإن مات وقلّد من يقول ببطلانه ، يجوز له البناء على الصحّة. نعم يجب عليه العمل بمقتضى فتوى المجتهد الثاني فيما يأتي» (١).
ولا يخفى أنّ ما ذكره من الفرق بين الذبح بغير الحديد وبين العقد السابق لا يصحّ ، إلّا بأن يقال المتيقّن من التسالم على الإجزاء ، موارد العبادات السابقة والعقود والإيقاعات ، ويبقى غيرها تحت القاعدة المشار إليها آنفا في الأصل الأولي على القول بالطريقية في الأمارات واعتبار الأصول من عدم الإجزاء.
ثمّ إنّه يقع الكلام في أنّه لو قلنا بإجزاء الأعمال السابقة على طبق الفتوى السابقة ، فيما إذا انكشف خلافها بالفتوى اللّاحقة ، فهل تكون تلك الأعمال مجزية بالإضافة إلى غير العامل أيضا ممّن يكون الطريق المعتبر عنده على خلاف تلك الأعمال ، مثلا إذا تيمّم الإمام لصلاته في مورد ، يرى الغير أنّه يتعيّن في ذلك المورد
__________________
(١) العروة الوثقى : ج ١ ، مسألة ٥٣ ، من كتاب الاجتهاد والتقليد.