ولا إشكال في خروج مقدمة الوجوب عن محل النزاع ، وبداهة عدم اتصافها بالوجوب من قبل الوجوب المشروط بها ، وكذلك المقدمة العلمية ، وإن استقل العقل بوجوبها ، إلّا أنّه من باب وجوب الإطاعة إرشادا ليؤمن من العقوبة على مخالفة الواجب المنجز ، لا مولويا من باب الملازمة ، وترشح الوجوب عليها من قبل وجوب ذي المقدمة.
______________________________________________________
لا يمكن أن يتعلّق الوجوب الغيري بتلك المقدّمة ، حيث لا وجوب للواجب النفسي إلّا على تقدير حصولها ، وتعلّق الوجوب بها بعد حصولها من طلب الحاصل.
وكذلك مقدّمة العلم بحصول الواجب ، فإنّ لزوم مقدّمة العلم لا يبتني على الملازمة بين وجوب شيء وجوب مقدّمته ، حيث إنّ اللزوم في مقدّمة العلم عقلي لا شرعي ، وملاك اللزوم العقلي فيها غير ملاك الوجوب الشرعي الغيري لمقدّمة الوجود ، فإنّ المقدّمة العلمية لا تكون مقدّمة لوجود الواجب ضرورة أنّ الصلاة إلى القبلة ـ مثلا ـ لا تتوقّف على الإتيان بها إلى جهتين في مورد اشتباه القبلة فيها ، بل إحراز الإتيان بالصلاة إلى القبلة موقوف على تكرارها بالإتيان إليهما ، وتحصيل العلم بالإتيان بالمأمور به لازم عقلا ؛ للأمن من العقاب ، فيكون أمر الشارع به كأمره بالإطاعة لمجرّد الإرشاد إلى ما يستقلّ به العقل في مقام الامتثال من لزوم إحراز سقوط التكليف والفرار من العقاب المحتمل ، بخلاف الوجوب الشرعي لمقدّمة وجود الواجب ، فإنّه منبعث من وجوب الواجب النفسي على ما تقدّم ، وملاكه المقدمية في الوجود والتحقّق ، كما لا يخفى.