وبالجملة : حيث كان الأمر من الأفعال الاختيارية ، كان من مبادئه بما هو كذلك تصوّر الشيء بأطرافه ، ليرغب في طلبه والأمر به ، بحيث لولاه لما رغب فيه ولما أراده واختاره ، فيسمى كلّ واحد من هذه الأطراف التي لتصورها دخل في حصول الرغبة فيه وإرادته شرطا ، لأجل دخل لحاظه في حصوله ، كان مقارنا له أو لم يكن كذلك ، متقدما أو متأخرا ، فكما في المقارن يكون لحاظه في الحقيقة شرطا ، كان
______________________________________________________
وبتعبير آخر : الإشكال في المجعول بنحو القضية الحقيقية وشرائط فعلية الحكم لا في شرائط جعله ، وإلّا فشرط الجعل ـ ومنه كون الفعل الذي يعتبره واجبا ذا مصلحة ـ يكون أيضا باللحاظ واعتقاد المولى ولو بنحو الخطأ ، فما ذكره في الكفاية خلط بين شرائط الجعل وشرط فعلية المجعول (١).
أقول : لا يخفى ما فيه ، فإنّ فعلية الحكم المجعول بنحو القضية الحقيقية تابعة لكيفية الجعل ، ولكن الشرط بوجوده الخارجي ـ كقدوم الولد في المثال ـ غير مؤثّر في فعلية الحكم ؛ إذ فعلية الحكم كانت على تقدير حصول الشرط في المستقبل لكون الجعل بهذا النحو وعدم فعليته على تقدير عدم حصوله إنّما هو لعدم الجعل على تقدير العدم في الحال.
وبالجملة لا مانع من لحاظ المولى عند الجعل أمرا متقدّما أو متأخرا أو مقارنا لحكمه وجعل الحكم على تقدير حصول ذلك الأمر بمعنى أن تكون فعليّة الحكم تابعة لحصول الشرط المزبور على النحو الذي لاحظه ، ولو كان الوجوب المعتبر من أوّل اليوم على تقدير حصول ذلك الأمر في آخره إلّا أنّ الشرط لا يكون مؤثّرا في فعلية الحكم ليقال بأنّ المعدوم لا يؤثّر ، بل كما ذكرنا فعلية الحكم على تقديره
__________________
(١) أجود التقريرات : ١ / ٢٢٤.