.................................................................................................
______________________________________________________
وبالجملة الإنشاء هو إحضار صورة وقوع الشيء بالتكلّم أو بغيره ، لغرض تحقّق ذي الصورة خارجا بالاعتبار ، سواء كان إحضار تلك الصورة بنحو المعنى الحرفي أو بنحو المعنى الاسمي ، فقوله للمخاطب : (اضرب زيدا) وقوله : (أطلب منك ضرب زيد) إنشاء كلاهما إحضار لصورة البعث المتعلّق بضرب المخاطب إلّا أنّه في الأوّل بنحو المعنى الحرفي ، وفي الثاني بنحو المعنى الاسمي ، وبكل منهما يحصل البعث خارجا ولو بالاعتبار.
نعم مقتضى ما تقدّم هو أنّ الإنشائية والإخبارية إنّما تنشئان من الغرض من نقل صورة وقوع الشيء خارجا إلى ذهن السامع ، لا أنّ الهيئة في الجملات لا دلالة لها على تعيين الغرض من الإحضار بالوضع ، فإنّ هذا أمر لا يمكن إنكاره ، فهيئة (اضرب) وإن كانت توجب انتقال صورة بعث المخاطب نحو الضرب ولو بنحو المعنى الحرفي ، إلّا أنّها تدلّ أيضا على تعيين الغرض وهو إيجاد الطلب خارجا.
كما أنّ الجملة الخبرية بهيئتها تدلّ على أنّ الغرض من الإحضار حكاية حصول ذي الصورة ، ولذا تكون إرادة الإنشاء من الجملة الخبرية محتاجة إلى القرينة ولكن لا يصحّ إرادة الإخبار من الهيئة الموضوعة للإنشاء فلا يصحّ قوله للمخاطب (بع المال) إخبارا بالبيع ؛ لأنّ الكلام الدالّ على طلب البيع من المخاطب لا يناسب إخباره به ، فإنّ الطلب منه يستلزم عدم حصول البيع فعلا ، والإخبار والحكاية يتوقّف على الفراغ عن حصوله ، فالإخبار بوقوع شيء بالجملة الإنشائيّة يشبه طلب الحاصل الركيك ، بخلاف استعمال الجملة الإخبارية لغرض إنشاء طلبه ، فإنّ التعبير عن طلب شيء بوقوعه ولو مستقبلا يناسب شدّة الطلب والشوق والوثوق بالفاعل ، وهذه مناسبة توجب حسن استعمال الجملة الخبرية في مقام الإنشاء.