هذا مضافا إلى ضرورة صحة الحمل والاسناد في الجمل ، بلا تصرّف في ألفاظ الأطراف ، مع أنّه لو كانت موضوعة لها بما هي مرادة ، لما صح بدونه ، بداهة أنّ المحمول على (زيد) في (زيد قائم) والمسند إليه في (ضرب زيد) ـ مثلا ـ هو
______________________________________________________
في عامّة الألفاظ عامّا ، والموضوع له خاصّا ؛ لأنّ ما يتوقّف عليه الاستعمال بل مقوّمه ليس هو مفهوم الإرادة والقصد ، بل ما يكون بالحمل الشائع إرادة وقصدا وأخذ واقع القصد في معنى اللفظ يوجب جزئيته.
أقول : كلامه كما ذكرنا ناظر إلى خروج قصد المعنى عن الموضوع له والمستعمل فيه ، وأمّا أنّ المقصد المزبور ليس شرطا في ناحية الوضع نظير ما التزم به في المعنى الحرفي والاسمي من كون اللحاظ الآلي شرطا في وضع الحرف ، والاستقلالي شرطا في وضع الإسم ، فليس في كلامه تعرّض لإبطال ذلك. ولقائل أن يقول : بما أنّ الوضع في الألفاظ أمر بنائي ، فلا محالة يختصّ بصورة خاصّة ، وهي ذكر اللفظ في مقام قصد المعنى وإرادة انتقاله إلى ذهن السامع.
وأمّا مع ذكره في غير هذا المقام فلم يتعلق باللفظ تعيين وقرار ، فيكون نفس الوضع مقيّدا بصورة إرادة التفهيم لا الموضوع له والمستعمل فيه ، ليرد عليه لزوم التجريد في مورد الحمل أو الإسناد أو كون الوضع في عامّة الألفاظ عامّا والموضوع له خاصّا.
وما ذكر من خطور المعنى إلى الذهن عند سماع اللفظ ولو من غير شاعر لا ينافي اشتراط الوضع بالقصد ، فإنّ الخطور المذكور لا يستند إلى الوضع ، بل إلى أنس الأذهان بتلك المعاني من تلك الألفاظ ؛ ولذا يخطر المعنى ولو مع تصريح الواضع باختصاص وضعه بصورة قصد التفهيم ، وحيث إنّ قصد التفهم لا بدّ من