ثم إنّ هذا فيما لو علم استناد الانسباق إلى نفس اللفظ ، وأمّا فيما احتمل استناده إلى قرينة ، فلا يجدي أصالة عدم القرينة في إحراز كون الاستناد إليه ، لا إليها ـ كما قيل ـ لعدم الدليل على اعتبارها إلّا في إحراز المراد ، لا الاستناد.
ثمّ إنّ عدم صحة سلب اللفظ ـ بمعناه المعلوم المرتكز في الذهن اجمالا كذلك ـ عن معنى تكون علامة كونه حقيقة فيه ، كما أن صحة سلبه عنه علامة كونه مجازا في الجملة.
______________________________________________________
هو مقتضى جعل التبادر علامة للوضع ، لتوقّف إحراز الوضع على إحرازه ، وهو الدور.
وأجابوا عن ذلك كما في المتن بأنّ العلم الحاصل من التبادر غير العلم بالوضع الذي يتوقّف عليه التبادر ، فإنّ الأوّل علم تفصيلي ، والثاني ـ يعني ما يتوقّف عليه التبادر ـ علم إجمالي ارتكازي ، والمراد بالعلم الإجمالي الارتكازي عدم الالتفات فعلا إلى المعنى وخصوصياته من سعته وضيقه ، لا الجهل به رأسا ، وأهل أيّ لغة واصطلاح يعلمون معاني لغتهم بالارتكاز ويلتفتون إليها عند سماع ألفاظها.
أقول : ما يترتّب على التبادر كما ذكر لا أهمية له ، فإنّ تشخيص المراد الاستعمالي للمتكلم موقوف على العلم الإجمالي الارتكازي بأوضاع الألفاظ هيئة ومادة ، لا على العلم التفصيلي ، والمفروض أنّ العلم الإجمالي لا يحصل بالتبادر ، بل التبادر يحصل به.
ثمّ إنّ هذا فيما إذا أريد كون التبادر عند المستعلم (بالكسر) أمارة عنده على وضع اللفظ ، وأمّا إذا أريد كون التبادر عند أهل المحاورة أمارة للمستعلم الجاهل بوضعه ، فلا مجال لتوهّم الدور ، فإنّ علم المستعلم موقوف على التبادر ، والتبادر عند أهل المحاورة موقوف على علمهم ، وفي هذا الفرض يستكشف المستعلم من التبادر عندهم وضع اللفظ ولكن في خصوص ما أحرز أنّ التبادر عندهم غير مستند