كما أنّ صحة سلبه كذلك علامة أنّه ليس منها ، وإن لم نقل بأن إطلاقه عليه من باب المجاز في الكلمة ، بل من باب الحقيقة ، وإن التّصرف فيه في أمر عقلي ، كما صار إليه السكّاكي ، واستعلام حال اللفظ ، وأنّه حقيقة أو مجاز في هذا المعنى بهما ، ليس على وجه دائر ، لما عرفت في التّبادر من التغاير بين الموقوف والموقوف عليه ، بالإجمال والتّفصيل أو الإضافة إلى المستعلم والعالم ، فتأمّل جيّدا.
______________________________________________________
إلّا أنّ الحكم لا يترتب إلّا على العنوان الأول ، مثلا : إذا حكم الشارع بطهارة الدم المتخلّف في الحيوان المذبوح ، وذبح حيوان وشكّ في دم في جوفه أنّه من الدم المتخلّف أو أنّه رجع إلى جوفه لعارض كعلوّ رأس الحيوان أو جرّ نفسه الدم من الخارج ، فإنّه باستصحاب عدم خروج الدم المزبور إلى الخارج لا يثبت عنوان الدم المتخلّف ، مع أنّه يحمل بالحمل الأوّلي على عنوان (دم لم يخرج من جوفه عند ذبحه) إلّا أنّ حكمه لم يثبت عليه ، فتدبّر.
نعم صحة السلب ـ يعني سلب المعنى المرتكز من اللفظ ـ عن شيء شكّ بدوا في كونه مصداقا له علامة عدم كون المسلوب عنه مصداقا وفردا لذلك المعنى ، فإنّ الطبيعي لا يسلب عن فرده ومصداقه في حال ، بل يحمل عليه في جميع الأحوال ، ولو صحّ حمل عنوان على شيء في حال خاصّ لثبت أنّه فرده في ذلك الحال فقط ، فتدبّر جيّدا وممّا ذكرنا يظهر أن تبادر المعنى من حاق اللفظ التي هي علامة للحقيقة وكشف الدلالة الوضعية لا يغني عن صحة السلب وعدم صحته فإن بصحة السلب وعدم صحته يعلم سعة المعنى الموضوع له وضيقة بعد العلم الإجمالي الارتكازي بأصل المعنى كما لا يخفى فإنّ من أوضح الألفاظ من حيث المعنى لفظ الماء وربّما يشك في دخول ماء فيه وعدمه كالماء المصنوع وبعض ما السيل.