.................................................................................................
______________________________________________________
كما أنّ صحّة السلب بالسلب الأوّلي علامة لعدم كون المعنى المفروض هو المعنى المرتكز من ذلك اللفظ ، كما أنّ صحة السلب الشائع علامة عدم كون الشيء المفروض من مصاديق ذلك المعنى المرتكز من ذلك اللفظ.
وإن قلنا بأنّ إطلاق اللفظ المزبور وحمل معناه المرتكز على ذلك الشيء لا يكون من باب المجاز في الكلمة ، بل اللفظ يستعمل في معناه المرتكز ويطبق عليه بالادعاء والعناية ، فيكون المجاز في الأمر العقلي ؛ لأنّ انطباق المعنى على مصاديقه خارج عن استعمال اللفظ في معناه ، بل هو أمر يدركه العقل ؛ فلذا يقال : إنّ المجاز في هذه الموارد في أمر عقلي كما صار إليه السكاكي.
ومما ذكر في التبادر ، يظهر أنّ كون صحة الحمل علامة للحقيقة أو لكون المصداق حقيقيا وكون صحة السلب علامة للمجاز أو لعدم كون الشيء مصداقا حقيقة لا يستلزم الدور للتغاير بين الموقوف والموقوف عليه بالإجمال والتفصيل ، أو أنّ أحدهما علم المستعلم ، والآخر علم أهل المحاورة.
أقول : صحة الحمل الأوّلي وإن كان يكشف عن اتّحاد المحمول مع الموضوع مفهوما ، لكنّه لا يكشف عن اتّحادهما من جميع الجهات ، بل قد يكون بينهما تغاير بالإجمال والتفصيل (كما في قولنا : الحيوان الناطق إنسان) أو باعتبار آخر (كما في قولنا : الإنسان بشر) ، وعليه فلا يكون صحة الحمل الأوّلي كاشفا عن كون المعنى المحمول عليه هو بعينه المعنى المرتكز للفظ ، بل غاية ما يثبت ذلك صحة الاستعمال ، وهو أعمّ من الحقيقة.
وتظهر ثمرة ذلك فيما إذا كان أحد العنوانين موضوعا لحكم خاصّ في خطاب الشارع دون الآخر ، فإنّه وإن صحّ حمل الموضوع على العنوان الآخر بالحمل الأوّلي