يقصد الحكاية عنه ، والدلالة عليه بنفسه لا بالقرينة ، وإن كان لا بد ـ حينئذ ـ من نصب قرينة ، إلّا أنّه للدلالة على ذلك ، لا على إرادة المعنى ، كما في المجاز ، فافهم.
______________________________________________________
واستقلاليّا.
ولكن لا يخفى ما فيه ، فإنّه ـ كما سيأتي في بحث استعمال اللفظ في أكثر من معنى ـ أنّ مجرد استعمال اللفظ في معنى لا يقتضي كون اللفظ ملحوظا استقلالا ، لا أنّه يقتضي عدم لحاظه استقلالا ، فلو كان في الاستعمال غرض يقتضي لحاظ اللفظ استقلالا فلا ينافيه الاستعمال ، كما إذا كان غير العربي يتكلّم باللغة العربية ويعبّر عن مراداته بتلك اللغة في مقام إظهار معرفته بها ، فيكون كمال التفاته إلى الألفاظ ويستعملها لتفهيم مراداته.
ولو أغمض عن ذلك وقلنا بأنّ الاستعمال يقتضي فناء اللفظ في المعنى وكونه مغفولا عنه ، فإنّ مقتضى ذلك أن لا يكون اللفظ بنفسه ملحوظا استقلالا عند إنشاء المعنى المراد من اللفظ أو الحكاية عنه ، وهذا لا ينافي كون النفس ملتفتة إلى الاستعمال المذكور فتعتبره وضعا لذلك اللفظ بإزاء ذلك المعنى المنشأ والمحكي عنه.
وأورد أيضا على ما ذكره الماتن قدسسره من أنّ المقصود في مورد الوضع بالاستعمال الحكاية والدلالة على المعنى بنفس اللفظ لا بالقرينة ، كما في المجاز ، بأنّ دلالة اللفظ على المعنى المزبور لا تكون بلا قرينة ؛ وذلك لعدم إمكان انتقال المعنى إلى ذهن السامع من اللفظ بدون الوضع وبدون القرينة لبطلان الدلالة الذاتية في الألفاظ ، وإذا لم يكن في الفرض وضع قبل حصول الاستعمال كما هو المفروض ، فكيف يكون الانتقال من اللفظ إلى ذلك المعنى بلا قرينة؟ غاية الأمر القرينة الدالّة على كونه في مقام الوضع تكون مغنية عن قرينة مستقلّة للدلالة عليه ، ولو فرض في مورد عدم كفايتها ، لزم نصب قرينة أخرى أيضا للدلالة.