أنّ غلبة توسط الثالث بين الراويين تورث الظن بسقوط الواسطة ، والظن في الرجال حجّة.
وأنت خبير بما فيه :
أولا : من أنّ حجيّة الظن في الرجال مقصورة على التوثيقات ، لانسداد باب العلم فيها والاضطرار إليها ، لا في كلّ أمر يرجع إلى السند حتى الإرسال والاتصال ، واتحاد الراويين وتعددهما .. ونحو ذلك ، بل المدار فيها على ظواهر كلمات أهل الفن.
وثانيا : من أنّ الظن في الرجال بمنزلة الأصل ، لا يرجع إليه إلاّ مع فقد الدليل ، وعدم وجود أصل آخر حاكم عليه ، ومن البيّن أنّ ظاهر رواية شخص عن آخر لقاؤه له ، ولازم عدالة الراوي تصديقه في ظاهر كلامه .. وهذا إمّا دليل يقدّم على الظن المذكور ، أو أصل حاكم عليه ، فالأخذ بالظن المزبور خطأ ، وإنّما يمكن إثبات الإرسال إذا ثبت عدم إمكان لقاء الراوي للمروي عنه ، لموت المروي عنه قبل قابلية الراوي للرواية عنه ، وذلك في الأسانيد أقل قليل ، بل في غاية الندرة ؛ لأنّ المؤرخ ولادته وموته ليس إلاّ أقل قليل ، بل ليس التاريخ المنقول في حقّ شخص إلاّ كالظن المزبور الناشي من (١) الغلبة لا يرفع اليد به عن ظاهر كلام الراوي.
__________________
(١) كذا في خطية الكتاب ، وفي مطبوعها الحجري : مع ، بدلا من : من.