فلما حمل إلى بين يدي الرشيد شتمه وجفاه ، فلما جن عليه الليل أمر ببيتين (١) فهيئا له ، فحمل موسى بن جعفر إلى أحدهما في . خفاء ، ودفعه إلى حسان السروي ، وأمره بأن يصير (٢) به في قبة إلى البصرة ، فيسلمه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر وهو أميرها ، ووجه قبة أخرى علانية نهاراً إلى الكوفة معها جماعة ، ليعمي على الناس أمر موسى بن جعفر عليهماالسلام .
فقدم حسان البصرة قبل التروية بيوم ، فدفعه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر نهاراً علانية، حتى عرف ذلك وشاع خبره ، فحبسه عيسى في بيت من بيوت المجلس الذي كان يجلس فيه، وأقفل عليه ، وشغله العيد عنه الله ، فكان لا يفتح عنه الباب إلا في حالتين : حالة يخرج فيها إلى الطهور، وحالة يُدخل إليه فيها الطعام .
قال أبي : فقال لي الفيض بن أبي صالح ـ وكان نصرانياً ثم أظهر الإسلام وكان زنديقاً، وكان يكتب لعيسى بن جعفر، وكان بي خاصا. فقال : يا أبا عبد الله لقد سمع هذا الرجل الصالح في أيامه هذه، في هذه الدار التي هو فيها من ضروب الفواحش والمناكير ما أعلم ، ولا أشك أنه لم يخطر بباله .
قال أبي : وسعى بي في تلك الأيام إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر، علي بن يعقوب بن عون بن العباس بن ربيعة في رقعة رفعها (٣) إليه أحمد بن أسيد حاجب عيسى ، قال : وكان علي بن يعقوب من مشايخ بني هاشم، وكان أكبرهم سناً ، وكان مع كبر سنه يشرب الشراب ، ويدعو أحمد بن أسيد إلى
__________________
(١) في نسخة (ج ، ک) هـ ، ره : يقبتين .
(٢) في نسخة (ك) وفي حاشية (ر) : يسير .
(٣) في حاشية ك في نسخة : دفعها ، وكذلك الحجرية .