ولا خروج من إحاطته بها ، ولا احتجاب عن إحصائه لها ، ولا امتناع من قدرته عليها .
كفى بإتقان الصنع لها آية، وبمركب الطبع عليها دلالة، وبحدوث الفطر عليها قدمة، وبإحكام الصنعة لها عبرة، فلا إليه حد منسوب ، ولا له مثل مضروب ، ولا شيء عنه محجوب، تعالى عن ضرب الأمثال والصفات المخلوقة علواً كبيراً .
وأشهد أن لا إله إلا هو ، إيماناً بربوبيته ، وخلافاً على من أنكره، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، المقر في خير مستقر ، المتناسخ من أكارم الأصلاب ومطهرات الأرحام، المخرج من أكرم المعادن محتداً ، وأفضل المنابت منبتاً ، من أمنع ذروة وأعز أرومة ، من الشجرة التي صاغ الله منها أنبياءه، وانتجب منها أمناءه ، الطيبة العود المعتدلة العمود ، الباسقة الفروع، الناضرة الغصون، اليانعة الثمار الكريمة الجنا ) ، في كرم غرست ، وفي حرم أنبتت ، وفيه تشعبت وأثمرت وعزت وامتنعت، قسمت به و شمخت ، حتى أكرمه (٢) الله تعالى بالروح الأمين والنور المبين والكتاب المستبين، وسخر له البراق، وصافحته الملائكة، وأرعب به الأبالسة (٣) ، وهدم به الأصنام والآلهة المعبودة دونه، سنته الرشد، وسيرته العدل، وحكمه الحق، صدع بما أمره به ربه وبلغ ما حمله ، حتى أفصح بالتوحيد دعوته، وأظهر في الخلق : أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، حتى خلصت الوحدانية ،
__________________
(١) في نسخة «ع ، ر ، ك » : الحشا والجنا : اسم ما يحتنى من الثمر ، ويجمع : الجنا. النهاية في غريب الحديث ١ : ٣١۰ ـ جنى .
(٢) في المطبوع : أكرم ، وما في المتن أثبتناه من النسخ الخطية .
(٣) في المطبوع والحجرية ونسخة (ع) : الأباليس، وما في المتن أثبتناه من بقية النسخ .