خلقاً ؛ لأنه شيء محدث، والله تعالى الذي أحدثه فصار خلقاً له ، وإنما هو الله عز وجل وخلقه لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما ، فما خلق الله عز وجل لم يعد أن يكون خلقه ، وقد يكون الخلق ساكناً ومتحركاً ومختلفاً ومؤتلفاً و معلوماً ومتشابها ، وكل ما وقع عليه حد فهو خلق الله عز وجل.
واعلم أن كل ما أوجدتك الحواس فهو معنى مدرك للحواس ، وكل حاسة تدل على ما جعل الله عز وجل لها في إدراكها، والفهم من القلب بجميع ذلك كله .
واعلم أن الواحد الذي هو قائم بغير تقدير ولا تحديد ، خلق خلقاً مقدراً بتحديد وتقدير ، وكان الذي خلق خلقين اثنين ، التقدير والمقدر ، وليس في كل واحد منهما لون ولا وزن ولا ذوق ، فجعل أحدهما يدرك بالآخر ، وجعلهما مدركين بنفسهما، ولم يخلق شيئاً فرداً قائماً بنفسه دون غيره للذي أراد من الدلالة على نفسه وإثبات وجوده فالله تبارك وتعالى فرد واحد لا ثاني معه يقيمه ولا يعضده ولا يكنه ، والخلق يمسك بعضه بعضاً بإذن الله تعالى ومشيئته ، وإنما اختلف الناس في هذا الباب حتى تاهوا وتحيروا ، وطلبوا الخلاص من الظلمة بالظلمة في وصفهم الله تعالى بصفة أنفسهم ، فازدادوا من الحق بعداً ، ولو وصفوا الله عز وجل بصفاته ووصفوا المخلوقين بصفاتهم ، لقالوا بالفهم واليقين ولما اختلفوا، فلما طلبوا من ذلك ما تحيروا فيه ارتبكوا (١) ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم » .
قال عمران : يا سيدي أشهد أنه كما وصفت ، ولكن بقيت لي مسألة ، قال : «سل ما أردت قال : أسألك عن الحكيم في أي شيء هو ؟ وهل
__________________
(١) في المطبوع ونسخة (ع) والحجرية : ارتكبوا، وما في المتن أثبتناه من نسخة (ج . هـ، و ك والتوحيد والبحار .