الطالب المرتاد إلى رؤية عين ، ولا استماع أذن ، ولا لمس كف ، ولا إحاطة يقلب .
فلو كانت صفاته جل ثناؤه لا تدل عليه، وأسماؤه لا تدعو إليه ، والمعلمة من الخلق لا تدركه لمعناه ، كانت العبادة من الخلق الأسمائه وصفاته دون معناه ، فلولا أن ذلك كذلك ، لكان المعبود الموحد غير الله ؛ لأن صفاته وأسماءه غيره ، أفهمت ؟ قال : نعم يا سيدي ، زدني .
قال الرضا عليهالسلام : «إياك وقول الجهال أهل العمى والضلال ، الذين يزعمون أن الله جل وتقدس موجود في الآخرة للحساب في الثواب والعقاب (١) وليس بموجود في الدنيا للطاعة والرجاء ، ولو كان في الوجود الله عز وجل نقص واهتضام لم يوجد في الآخرة أبداً، ولكن القوم تاهوا وعموا وصموا عن الحق من حيث لا يعلمون ، وذلك قوله عز وجل : ( وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا ) (٢) يعني أعمى عن الحقائق الموجودة .
وقد علم ذوو الألباب أن الاستدلال على ما هناك لا يكون إلا بما ها هنا، ومن أخذ علم ذلك برأيه، وطلب وجوده وإدراكه عن نفسه دون غيرها ، لم يزدد من علم ذلك إلا بعداً ؛ لأن الله عز وجل جعل علم ذلك خاصة عند قوم يعقلون ويعلمون ويفهمون . خلق ؟
قال عمران : يا سيدي، ألا تخبرني عن الإبداع ، أخلق هو أم غير ؟
قال الرضا عليهالسلام : بل خلق ساكن، لا يدرك بالسكون ، وإنما صار
__________________
(١) في نسخة اج ، هـ ، ك ، ره : للحساب والثواب والعقاب .
(٢) سورة الإسراء ١۷ : ۷٢.