حلم وحياء وصدق وأمانة ، لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحرم ، ولا تنثى (١) فلتاته ، متعادلين متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون الكبير ويرحمون الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب .
فقلت : كيف كانت سيرته في جلسائه ؟
فقال : كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صحاب ، ولا فحاش ، ولا عياب (٢) ، ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ، فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه (٣) مؤمليه ، قد ترك (٤) نفسه من ثلاث، المراء والإكثار وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث ، كان لا يدم أحداً ولا يعبره ، ولا يطلب عثراته ولا عورته (٥) ، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه ، كأنما على رؤوسهم الطير، وإذا سكت تكلموا ، ولا يتنازعون عنده الحديث ، من تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم عنده حديث أولهم (٦) ، يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجب مما يتعجبون منه. ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه (٧) ، حتى أن
__________________
(١) في المطبوع : ولا تثنى ، وفي نسخة مع ، هـ ، ك ، ولا ينتى ، وفي (ج) ، ولا تنسى ، وما في المتن أثبتناه من نسخة (ن) والحجرية ، وهو الموافق للمصادر .
(٢) في نسخة (هـ ، ج : ( ولا غياب) وما بعده كلمة ( ولا عياب) في المطبوع زيادة : ولا مزاح .
(٣) في نسخة اهـ ، ع) : ( منه) بدل (فيه ) .
(٤) في الحجرية : (نزل) بدل (ترك) ، وفي نسخة (ع) : ( فقد ترك) .
(٥) في نسخة ( ع ، ک ) : ولا عوراته .
(٦) في المطبوع : ( وإذا تكلم عنده أحد أنصتوا له حتى يفرغ من حديثه )، وما في المتن أثبتناه من الحجرية ونسخة در، ك وهو الموافق للمصادر ، وفي نسخة فها : ( يدع) بدل ( يفرغ) ، وفي نسخة (ق ، ع) : ( عنه) بدل (عنده) .
(۷) في المطبوع : في المسألة والمنطق ، وفي نسخة (ق) : في مساكنه ومنطقه ، وما في المتن أثبتناه من الحجرية ونسخة (هـ ، ربع ، ك ، ج ،) وهو الموافق للمصادر .