الرسول ، ولا جناها العقل ، ولا أكل ثمرها الأولياء ، ولا طعمها الفقراء ، فظهر بذلك مذاهب ، واختلفت فيه مسائل ، ونسخت أخبار وطويت آثار ، واستقر العالم على الخلاف والاختلاف وعدم الايتلاف ، والجبلّة الحيوانيّة بحسب مرباها ومنشأها كما أخبر الصادق الأمين : يولد المولود على الفطرة وإنّما أبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه فينجّسانه.
ثمّ تلاشت دولة بني أميّة ونشأت دولة بني العباس ، فوجدوا بني أميّة قد وطّأوا لهم المملكة بالأصالة لهم ، فأقرّوا الوظائف التي قرّرها بنو أميّة في إخماد نار الطالبيّين على حالها ، وساسوا الناس بها ، وتناولوها هنيّة مريّة ، وأمدّوا العالم المعاون على أغراضهم بالأموال ، واستخدموا على ذلك الرجال ، ووهبوا على ذلك مقامات ومراتب وولايات وهبات وصدقات ، فلمّا أحسّ الطالبيّون بولاية بني عباس وأخذت حقوقهم بغير حق ، هاجروا إلى الأطراف والأوساط ، خوفا من القتل والسيّاط ، وخاطبوهم في القيام عن هذا البساط ، فندب لهم العباسيّون الرجال وأعدّوا لهم القتال ، وتولاّهم المنصور حتى قتل منهم الألوف وشرّد منهم الألوف ، ومن وقف على ( مقاتل الطالبيّين ) عرف ما جرى من بني العباس على آل علي عليهالسلام. حتى حطّموا شجرتهم وفرّقوا كلمتهم وأفنوا أموالهم ، وأبادوا رجالهم ، واضطرّ بنو العباس إلى إقامة دعوتهم ونشر كلمتهم ومراعاة مملكتهم وحراستها من آل علي عليهالسلام نسفا على عناد بني أميّة ، فما استقرّت دولتهم ولا هيبت صولتهم حتى فهموا أن شجرة الطالبيّين متفرقة والأغصان ذابلة ، والأفنان ناقصة الريّ مخضودة الشوك يابسة الشرب ، فعندها استقرّوا وسكنوا ، ولم يأمنوا حتّى علموا أن جميع الرعايا في البلاد والآفاق المشرقية والمغربية أعداء لآل محمّد ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يفضّلون أصحابه عليهم ، ولا يأنسون بذكرهم ...