فلمّا رآه قام إليه وضمه إلى صدره ورحب به ، ولم يأذن لأحد في الدخول عليه ، ولم يزل يحدثه ويسامره ، فلما انقضى ذلك ، قال أبو جعفر محمد بن الرضا عليهماالسلام : يا أمير المؤمنين ، قال : لبيك وسعديك ، قال : لك عندي نصيحة فاقبلها ، قال المأمون : بالحمد والشكر ـ قال ـ فما ذاك ، يا ابن رسول الله؟ قال : أحب لك أن لا تخرج بالليل ، فإني لا آمن عليك هذا الخلق المنكوس ، وعندي عقد تحصن به نفسك وتحترز به من الشرور والبلايا والمكاره والآفات والعاهات ، كما أنقذني الله منك البارحة ، ولو لقيت به جيوش الروم والترك ، واجتمع عليك وعلى غلبتك أهل الأرض جميعا ما تهيأ لهم منك شر ، بإذن الله الجبار ، وإن أحببت بعثت به إليك ، ولتحترز به من جميع ما ذكرت لك ، قال : نعم ، فاكتب ذلك بخطك وابعثه إلي ، قال : نعم يا أمير المؤمنين.
فلما أصبح أبو جعفر عليهالسلام بعث إلي فدعاني ، فلما صرت إليه وجلست بين يديه ، دعا برق ظبي من أرض تهامة ، ثم كتب بخطه هذا العقد ، ثم قال : يا ياسر ، أحمل هذا إلى أمير المؤمنين ، وقل له حتى يصاغ له قصبة من فضة ، منقوش عليها ما أذكر بعد.
فإذا أراد شده على عضده فليشده على عضده الأيمن ، وليتوضأ وضوءاً حسناً سابغاً ، وليصل أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وسبع مرات (آية الكرسي) وسبع مرات (شهد الله) وسبع مرات (والشمس وضحاها) وسبع مرات (والليل اذا يغشى) وسبع مرات (قل هوالله أحد) ثم يشد على عضده الأيمن عند الشدائد والنوائب ، يسلم ـ بحول الله وقوته ـ من كل شيء يخافه ويحذره. وينبغي أن الا يكون طلوع القمر في برج العقرب ، ولو أنه حارب أهل الروم وملكهم لغلبهم ببركة هذا الحرز.
وروي أنه لما سمع المأمون من أبي جعفر عليهالسلام في أمر هذا الحرز هذه الصفات كلها ، غزا أهل الروم فنصره الله تعالى عليهم ، ومنح من المغنم ما شاء ألله عز وجل ، ولم يفارق هذا العقد عند كل غزوة ومحاربة ، وكان ينصره الله ـ عز وجل ـ بفضله ، ويرزقه الفتح بمشيئته ، إنه ولي ذلك بحوله وقوته ، الحرز :
( بسم الله الرّحمن الرّحيم * الحمد لله رب العالمين * الرّحمن الرّحيم * مالك