إبراهيم بن سليمان القطيفي ( م بعد سنة ٩٤٥ ) صاحب إيضاح النافع.
الشهيد الثاني ، زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي ( م ٩٦٥ ) صاحب الروضة البهية وروض الجنان ومسالك الافهام وغيرها.
إنّ انتساب مرحلة من مراحل تطور متن الفقه الشيعي إلى الشهيد قدسسره يعدّ بلا ريب أغلى وسام ناله جرّاء كفاحه المرير ، ذلك الكفاح الذي ما ترك معه بابا من أبواب العلم والمعرفة إلاّ وطرقه وارتوى من نميره بما يكفيه ويسدّ حاجته ، فكانت سيرة عطرة وحياة مباركة غذّت شرايين الفكر والثقافة بأبهى الآراء وأجمل المقترحات وملأت سوح الفضيلة جلالة وفخرا ، متوّجا إيّاها بدماء زاكيات سالت على ثرى المبدأ والعقيدة الحقّة ، بعد أن أباحت هدرها فئة ضالّة قادها الحقد الدفين والتعصّب الأعمى إلى ارتكاب تلك الجريمة النكراء ، التي لا زال جبين الإنسانية يندى لها خجلا وحياء ، ولا عجب من ذلك ، فإنّ له في السبط الشهيد (ع) أسوة حسنة ونموذجا رائعا.
غاية المراد وتمام المقصود : أنّ الشهيد بما خلّفه من مخزون علمي خالد وتراث فكري فذّ ، شاد معهما أرسى القواعد وأمتن المباني وأعمق النظريات ، إنّما كان حصيلة إحاطته الفائقة بالعقليات والنقليات ، فجمع شتّى العلوم وألوان الفنون ، حتى غدى بحدّ ذاته مرحلة من مراحل الفقه الشيعي الثمان ، رفدت متونه بأغنى المفاهيم وأرقى الابتكارات.
هذا هو المدّعى ، أمّا إثباته فلنا أن نقول : إنّ إثبات كلّ مدّعى يحتاج ـ كما لا يخفى ـ الى المئونة الدليلية اللازمة مع القرائن المقبولة والشواهد المناسبة وصيغ الطرح الملاءمة وسائر اللوازم الأخرى ، التي تصونه من النقض والردّ وتقوّي فيه جانب الإبرام والثبوت ، فكم من المدّعيات التي ألغيت أو أسقطت لافتقادها لما يمكن أن تكادح به المنافيات وتقاوم معه المعارضات.
ولعلّ كلّ زاوية من زوايا سيرة الشهيد العلمية والفكرية لها اللياقة في تحقّق المدّعى وإثباته ، فالأدلّة على ذلك متزاحمة ، مضافا إلى ما يدعمها من مؤيّدات وقرائن