تدول الدول ، وتفنى الحضارات ، وهذه الاخلاق العلوية أحق بالبقاء ، وأجدر بالخلود من كل شيء لأنها تمثل شرف الانسانية وقيمها الكريمة.
٤ ـ ويقول المؤرخون : إنه كان للإمام ولد وكان أثيرا عليه فمرض فخشي على الامام لشدة حبه له ، وتوفي الولد فسكن صبر الامام ، فقيل له : خشينا عليك يا ابن رسول الله (ص) ، فأجاب بالاطمئنان والرضا بقضاء الله قائلا :
« انا ندعو الله فيما يحب فاذا وقع ما نكره لم نخالف الله فيما يحب .. » (١٠)
لقد تسلح الامام بالصبر وقابل نوائب الدنيا وكوارث الدهر بارادة صلبة ، وايمان راسخ ، وتحمل الخطوب في غير ضجر ولا سأم محتسبا في ذلك الأجر عند الله.
ومن معالي أخلاقه أنه كان يبجل الفقراء ، ويرفع من شأنهم لئلا يرى عليهم ذل الحاجة ، ويقول المؤرخون : انه عهد لأهله اذا قصدهم سائل ان لا يقولوا له : يا سائل خذ هذا ، وإنما يقولون له : يا عبد الله بورك فيك (١١) وقال : سموهم باحسن اسمائهم (١٢).
انها اخلاق النبوة التي جاءت لتسمو بالانسان ، وتغذيه بالعزة والكرامة وتنفي عنه الخنوع والذل.
__________________
(١٠) تأريخ دمشق ٥١ / ٥٢ ، عيون الاخبار لابن قتيبة ٣ / ٥٧.
(١١) عيون الاخبار ٣ / ٢٠٨.
(١٢) البيان والتبيين ( ص ١٥٨ ) اعيان الشيعة ق ١ / ٤ / ٤٧٢.