نشأ زيد في بيوت النبوة والامامة ، وتغذى بلباب الحكمة ، فكان أبوه الامام زين العابدين الذي هو أفضل انسان في عصره يتعاهده بالآداب ، ويرسم له طرق الهداية والخير ، فتأثر بسلوكه ، وانطبعت في دخائل نفسه نزعاته المشرقة ، فكان البارز من صفاته ـ فيما يقول المؤرخون ـ الزهد والورع ، والتحرج في الدين ، فلم يتبع قيادة نفسه وإنما آثر رضا الله وطاعته على كل شيء.
وقد لازم منذ نعومة اظفاره أخاه الامام الباقر الذي هو خليفة أبيه ووصيه ، ووارث علومه ، ومن الطبيعي ان لهذه الصحبة أثرا فعالا في سلوكه وتكوين شخصيته ، فقد كان في هديه يضارع هدي آبائه الذين طهرهم الله من الرجس والزيغ وأبعدهم عن مآثم هذه الحياة.
وأخلص زيد في العبادة والانابة لله ، فكان من أبرز المتقين في عصره يقول عاصم بن عبيد العمري : « رأيته وهو شاب بالمدينة يذكر الله فيغشى عليه ، حتى يقول القائل ما يرجع الى الدنيا » (٩) وكان يعرف عند أهل المدينة بحليف القرآن (١٠) وقد أثر السجود بوجهه (١١) لكثرة صلاته طوال الليل (١٢) لقد اتجه بعواطفه ومشاعره نحو الله ، وسلك
__________________
(٩) مقاتل الطالبين ( ص ١٢٨ ).
(١٠) مقاتل الطالبين ( ص ١٣٠ ).
(١١) مقاتل الطالبين ( ص ١٢٨ ).
(١٢) الخرائج والجرائح ( ص ٣٢٨ ).