وأولى الامام أبو جعفر (ع) المزيد من اهتمامه في الحديث الوارد عن جده رسول الله (ص) وعن آبائه الأئمة الطيبين (ع) فهو المصدر الثاني للتشريع الاسلامي بعد القرآن الكريم وله الاهمية البالغة في الشريعة الاسلامية فهو يتولى تخصيص عمومات الكتاب ، وتقييد مطلقاته ، وبيان ناسخه من منسوخه ، ومجمله من مبينه ، كما يعرض لاحكام الفقه من العبادات والمعاملات ، واعطاء القواعد الكلية التي يتمسك بها الفقهاء في استنباطهم للحكم الشرعي ، وبالاضافة الى ذلك كله فان فيه بنودا مشرقة لآداب السلوك ، وقواعد الاجتماع ، وتنظيم الأسرة ، وصيانتها من التلوث بجرائم الآثام ، الى غير ذلك مما يحتاج إليه الناس في حياتهم الفردية والاجتماعية. فلذلك عنى به الامام أبو جعفر (ع) ، وتبناه بصورة إيجابية ، وقد روى عنه جابر بن يزيد الجعفي سبعين الف حديث ، وأبان بن تغلب مجموعة كبيرة ، كما روى عنه غيرهما من أعلام أصحابه طائفة كبيرة من الاخبار.
والشيء المهم ان الامام أبا جعفر (ع) قد اهتم بفهم الحديث ، والوقوف على معطياته ، وقد جعل المقياس في فضل الراوي هو فهمه للحديث ومعرفة مضامينه ، فقد روى يزيد الرزاز عن أبيه عن أبي عبد الله عن أبيه انه قال له :
« اعرف منازل الشيعة على قد رواياتهم ، ومعرفتهم ، فان المعرفة هي الدراية للرواية ، وبالدراية للرواية يعلو المؤمن الى أقصى درجات الايمان .. إني نظرت في كتاب لعلي فوجدت في الكتاب أن قيمة كل امرئ وقدره معرفته ان الله تعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من