إلى أبي وإخوتي وعمومتي وصحبي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني؟! واني لا أذكر مصرع ابن فاطمة إلا خنقتني العبرة ، واذا نظرت الى عماتي وأخواتي ذكرت فرارهن يوم الطف من خيمة الى خيمة ، ومنادي القوم ينادي أحرقوا بيوت الظالمين .. »
لقد كانت تلك المشاهد المفجعة التي تم تمثيلها على صعيد كربلا تبعثه على الحزن والأسى حتى عد من البكائين الخمسة الذين مثلوا الحزن والبكاء على مسرح الحياة في جميع الاحقاب والآباد.
وكان الامام الباقر (ع) ينظر الى هذا الحزن المرهق الذي حل بأبيه فيجزع كأشد ما يكون الجزع وربما شاركه في بكائه ولوعته.
وزود الامام العظيم ولده الباقر وسائر ابنائه بوصايا تربوية حفلت بالآداب العالية والقيم الكريمة التي تضمن لمن عمل بها السلامة والراحة ، وتهيئ له جوا من الطمأنينة ، والبعد عن مشاكل هذه الحياة .. وهذه بعضها :
١ ـ قال (ع) لولده الباقر : « يا بني لا تصحبن خمسة ، ولا تحادثهم ، لا تصحبن الفاسق فانه يبيعك بأكلة فما دونها ، قلت : يا أبت وما دونها؟ قال : يطمع فيها ثم لا ينالها ، ولا تصحب البخيل فانه يقطع بك أحوج ما تكون إليه ، ولا تصحب الكذاب فانه بمنزلة السراب يبعد عنك القريب ، ويقرب منك البعيد ، ولا تصحب الاحمق فانه يريد أن ينفعك فيضرك ، وقد قيل : عدو عاقل خير من صديق أحمق ، ولا تصحب قاطع رحم فانه ملعون في كتاب الله في ثلاثة مواضع : في سورة محمد قال تعالى : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ