وثلاثين ثوبا ، ففعل خالد (٥٠).
لقد استطاع الكميت أن يتغلب على الأحداث بلباقته ، وقوة بيانه ، وبليغ منطقه ، وتماسك شخصيته ، فلم ينهار أمام الطاغية هشام ، ولم يراوده الخوف والفزع ، وإنما كان كالجبل في صلابة إرادته ، وقوة عزيمته ، ولم يكتف بما ظفر به من السلامة والنجاة ، وإنما طلب من هشام أن لا يجعل لحاكم الكوفة عليه سلطانا وسبيلا ، ويتركه وحريته فيما يقول ويعمل.
ووفد الكميت على الامام أبي جعفر (ع) فرحب به ، وقرب مجلسه ، وتبسم في وجهه وعاتبه عتابا رقيقا قال له :
يا كميت أنت القائل :؟
فالآن صرت الى
أمي |
|
ة والأمور الى
المصائر |
واعتذر الكميت ، وأجاب جواب العالم الفقيه قائلا :
« نعم قد قلت : ذلك ، ولا والله ما أردت به الا الدنيا ، لقد عرفت فضلكم .. »
ومنحه الامام الباقر الرضا والقبول ، وقال له : اما ان قلت : ذلك تقية ان التقية لتحل (٥١) وهذا إنما يتم بناء على عدم استئذانه من الامام في مدح الأمويين لقد كان الكميت صادق المودة والولاء لأهل البيت عليهالسلام وقد امتحن في سبيلهم كأعظم ما يكون الامتحان فتعرض لسخط الامويين ونقمتهم ، وقضى شطرا من حياته في السجن ، يلاحقه الفزع والرعب ،
__________________
(٥٠) الاغاني ١٥ / ١١٥ ـ ١١٩ ، العقد الفريد ١ / ١٨٩.
(٥١) الاغاني ١٥ / ١٢٦.