ان الاسلام ـ بكل اعتزاز يريد انطلاق الانسان في هذه الحياة يريده ان يعمل وينتج ، كما يريد له أن يؤدي حقوق الناس ، ويرتبط معهم ، ويؤدي ما عليه من الواجبات ، ومن الطبيعي ان الانسان اذا اصيب بداء الكسل فانه يهمل حقوق الله وحقوق الناس.
كان الامام أبو جعفر (ع) يمقت تارك العمل لأنه يؤدي إلى ضعف الانتاج ، وزيادة البطالة ، وانتشار الازمات الاقتصادية في البلاد ، يقول (ع) : « اني أجدني امقت الرجل يتعذر عليه المكاسب فيستلقي على قفاه ، ويقول : اللهم ارزقني ، ويدع أن ينتشر في الأرض ، ويلتمس من فضل الله والذرة (٢٧٢) تخرج من جحرها تلتمس رزقها. » (٢٧٣)
وكان الامام أبو جعفر (ع) يرى أن في العمل طاعة لله ، فكان (ع) يعمل بنفسه في اصلاح ارض له ، يقول محمد بن المنذر : خرجت إلى بعض نواحي المدينة ، فلقيني أبو جعفر محمد بن علي (ع) وكان بادنا ثقيلا ، وهو متّكئ على غلامين أسودين ، وموليين ، فقلت في نفسي : سبحان الله شيخ من اشياخ قريش في هذه الحالة ، وفي هذه الساعة يخرج في طلب الدنيا!! أما اني لأعظنه ، فدنوت منه ، فسلمت عليه ، وهو يتصاب عرقا ، فقلت له :
« أصلحك الله ، شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة يخرج لطلب
__________________
(٢٧٢) الذرة : النملة الصغيرة.
(٢٧٣) العمل وحقوق العامل في الاسلام الطبعة الثانية ( ص ١٣٩ ).