ونهى الامام أبو جعفر (ع) عن الحديث والخوض في ذات الله تعالى لأن ذلك مبني على فلسفة عميقة لا تتحملها عقول البسطاء الذين لا يملكون رصيدا من العلم ، فانهم يقعون في حبائل الشيطان ، ويخرجون من حضيرة الايمان الى حضيض الشرك ، يقول (ع) :
« تكلموا في كل شيء ، ولا تتكلموا في ذات الله .. » (١٨٠)
وقال (ع) : « تكلموا في خلق الله ، ولا تتكلموا في الله فانه لا يزداد صاحبه إلا تحيرا .. » (١٨١)
إن الحديث عن ذات الله تعالى لا يزيد الانسان إلا تحيرا والقاء في المهالك والشبهات ، اما التفكر في مخلوقات الله ، والتأمل في دقائق هذا الكون فانه يدعو الى حتمية الايمان بالله ، فان كل مخلوق بحسب صنعته وتركيبه يدلل على الخالق العظيم ، يقول دارون : « اني أرى فيما يظهر لي ان الاحياء التي عاشت على هذه الأرض جميعها من صورة واحدة ازلية نفخ الخالق فيها نسمة الحياة » (١٨٢) وان من الخرافة القول بأن هذه العوالم وجدت من باب الصدفة ، فان من غير الممكن ان توجد الصدفة نظاما دقيقا قائما على العلم ، فلما ذا لم تخلق الصدفة الطائرة أو الآلات الحديثة التي أوجدها الفكر والعلم؟
ان الله تعالى احاط بكل شيء علما ، وان علمه بالاشياء قبل تكوينها
__________________
(١٨٠) اصول الكافي ١ / ٩٢.
(١٨١) اصول الكافي ١ / ٩٢.
(١٨٢) النشوء والارتقاء ( ص ٤٧ ).