« يا أبا المستهل اتيناك بجهد المقل ، ونحن في دولة عدونا ، وقد جمعنا هذا المال ، وفيه حلي النساء ، فاستعن به على دهرك .. »
وأبى الكميت من قبوله قائلا :
« بأبي أنتم وأمي قد اكثرتم ، واطيبتم ، وما أردت بمدحي اياكم إلا الله ورسوله ، ولم اك لآخذ ثمنا من الدنيا ، فاردده الى اهله .. »
وجهد عبد الله ان يقبل الكميت تلك الاموال فأبى وامتنع (٣٢).
وانشد الكميت اللامية من هاشمياته أمام الامام أبي جعفر (ع) وقد أخذت منه مأخذا عظيما ، فقد تركت في نفسه اعظم الاثر ، فقد عرض فيها الى الاحداث السياسية المؤلمة في ذلك العصر ، وما حل بأهل البيت (ع) من صنوف التنكيل والارهاق يقول في أولها :
ألا هل عم في
رأيه متأمل |
|
وهل مدبر بعد
الاساءة مقبل |
وهل أمة
مستيقظون لرشدهم |
|
فيكشف عنه
النعسة المتزمل |
فقد طال هذا
النوم واستخرج الكرى |
|
مساويهم لو كان
ذا الميل يعدل |
ودعا الكميت بهذه الابيات المسلمين الى اليقظة من سباتهم ، واهاب بهم من الجمود والخمول ، وقد حفزهم على الثورة للتخلص من ظلم الامويين وجورهم فقد جهدوا على الاستبداد بشئون الناس وارغامهم على ما يكرهون ، ويقول الكميت في هذه الرائعة :
وعطلت الاحكام
حتى كأننا |
|
على ملة غير
التي نتنحل |
كلام النبيين
الهداة كلامنا |
|
وأفعال أهل
الجاهلية نفعل |
__________________
(٣٢) مروج الذهب ٢ / ١٩٥.