اما الكميت فقد صرف فكره الى ساداته من بني هاشم ، فاخذ ينشر مآثرهم ، ويذيع فضائلهم بأروع ما نظم في الأدب العربي.
ويقول المؤرخون : كان الكميت لا يذيع شعره بين الناس حتى يرضى به ، ويطمئن إليه ، فلذا كان لوحة فنية تحكي الابداع والفن والفكر ، أما هاشمياته ، فقد كبرت عن التحديد والتقييم ، وقد ضمنها الاستدلال على مذهبه الذي لا يقبل الجدل والتشكيك ، وكانت هاشمياته احدى الوسائل الثقافية في تلك العصور لما فيها من الخصب وغزارة الفكر والادب ، وكانت تروى في الاندية ، والمجالس ويحفظها الناس.
ويروي المؤرخون أن الكميت لما نظم ( الهاشميات ) سترها ولم يذعها بين الناس ، ورأى أن يعرضها على شاعر العرب الأكبر الفرزدق بن غالب ليرى رأيه فيها ، فقصده ، وبعد أن استقر به المجلس قال له :
ـ يا أبا فراس ، إنك شيخ مضر ، وشاعرها ، وأنا ابن اخيك الكميت ابن زيد الأسدي.
ـ صدقت أنت أبن أخي فما حاجتك؟
ـ نفث على لساني ، فقلت : شعرا فأحببت أن أعرضه عليك ، فان كان حسنا أمرتني باذاعته ، وإن كان قبيحا أمرتني بستره ، وكنت أول من ستره علي
وعجب الفرزدق من حسن أدبه ، فطفق يقول له :
ـ أما عقلك فحسن ، واني لأرجو أن يكون شعرك على قدر عقلك ، فانشدني ما قلت : وانبرى الفرزدق يتلو عليه رائعته قائلا :
طربت وما شوقا الى البيض أطرب