الناس ومشاعرهم وهي تفيض بالعطاء السمح ، وتقدم أروع الدروس عن التضحية في سبيل الحق والواجب وستبقى ندية عاطرة في جميع الاحقاب والآباد وهي تمثل شرف الانسان وسمو قصده.
وقد جرت فصول تلك المأساة الخالدة أمام الباقر وهو في غضون الصبا ، يقول (ع) : « قتل جدي الحسين ولي أربع سنين ، واني لأذكر مقتله ، وما نالنا في ذلك الوقت » (٢)
وقد روى (ع) الكثير من فصولها ، وروى الطبري بسنده عنه بعض صورها ، كما الف جماعة من أعلام أصحابه كتبا اسموها ( مقتل الحسين ) دونوا فيها ما سمعوه منه ، ومن غيره أهوال كارثة كربلا ، ذكر الكثير منها ابن النديم في فهرسته وعلى أي حال فان تلك المأساة الخالدة قد تركت ـ من دون شك ـ في نفسه اعظم اللوعة والحزن ، وظلت مآسيها واشجانها ملازمة له طوال حياته.
عاش الامام أبو جعفر (ع) في كنف أبيه الامام زين العابدين (ع) ما يزيد على ( ٣٤ عاما ) وقد لازمه وصاحبه طيلة هذه المدة فلم يفارقه ، وقد تأثر بهديه المشرق الذي يمثل هدي الأنبياء والمرسلين ، فما رأى الناس مثل الامام زين العابدين (ع) في تقواه وورعه وزهده ، وشدة انقطاعه واقباله على الله ... ونلمع الى بعض أحواله وشئونه لأن سيرته قد انطبعت في قرارة نفس الامام الباقر وارتسمت في اعماق ذاته ، وفيما يلي ذلك :
__________________
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٦١.