في السجن حفنة من الأيام وهو يعاني قسوة السجن ومرارته (٤٦).
وبقي الكميت في السجن وجلا مضطربا قد طافت به الهموم والآلام فلا يدري متى ينفذ فيه حكم الاعدام؟ ويقول المؤرخون : انه كان له صديق حميم هو ابان بن الوليد العجلي ، وكان عاملا على واسط من قبل الأمويين ، فلما انتهت إليه انباء الكميت ارسل بالفور إليه غلامه ، وأمره بالاسراع إليه ، وحمله رسالة عرفه فيها بأن مصيره القتل ، وإنه لاخلاص له منه إلا بأن يحتال فيرسل بأسرع وقت خلف زوجته الى السجن ، ويلبس لباسها ، وتكون مكانه في السجن من حيث لا يعلم السجانون ، ويكون بذلك نجاته ، وفعل الكميت ذلك ، وهرب من السجن بعد أن لبس لباس زوجته وقد ظن السجان أنه زوجة الكميت فلم يفتشه ، وقد نجا بذلك من القتل المحتم وأنشا الكميت بعد هروبه هذين البيتين :
خرجت خروج القدح
قدح ابن مقبل |
|
على الرغم من
تلك النوائح والمشل |
علي ثياب
الغانيات وتحتها |
|
عزيمة امر أشبهت
سلة النصل (٤٧) |
وبقى الكميت متواريا عن انظار السلطة متخفيا ، وهي تمعن بالتفتيش عنه إلا انها لم تهتد الى معرفته ، وقد عزم الكميت على مدح هشام وبني أمية لينجو مما هو فيه ، وقبل أن ينظم فيهم أرسل وردا ابن أخيه زيد الى الامام أبي جعفر (ع) يستأذنه فيما عزم عليه ، فاذن له الامام (ع)
__________________
(٤٦) الاغاني ١٥ / ١١٤.
(٤٧) مقدمة الهاشميات ( ص ١٧ ).