يخرج المال عن الشركة ويختص بالمصالح ، وإنما يكون العوض في ذمته ـ فلا ريب في صحة ذلك في ابتداء الشركة ، أي بعد مزج المالين قبل العمل بهما ، وفي الأثناء وعند إرادة الفسخ ، بل لا فرق في صحته بهذا المعنى بين الشركة والمضاربة.
وان كان المراد منهما صحة الصلح على أن يكون استحقاق أحدهما في المال رأس ماله تاما وللآخر الباقي ، ربح أو خسر والمال باق على الشركة من غير أن يكون ذلك في ذمة المصالح بالفتح ، فلو لم يحصل من المال حينئذ إلا دون رأس ماله ، لم يكن له رجوع عليه ، فإن قلنا إن ذلك أيضا مقتضى العمومات ، كان المتجه أيضا الصحة في الصور الثلاثة وإن قلنا إن جواز مثل هذا الصلح محتاج إلى الدليل الخاص ولا تكفي فيه العمومات بل لولاه لكان من الصلح المحلل للحرام ، وبالعكس ، فالمتجه المنع في غير مورد النصوص المزبورة ، إلا أنه يمكن منع ظهورها في خصوص صورة انتهاء الشركة ، وإرادة الفسخ ، بل لا بأس بإيقاع الصلح المزبور المفروض إفادته الاستحقاق المزبور مع بقاء المال على الشركة يعمل به ، بل لعل عموم (١) « تسلط الناس على أموالهم » يقتضيه ، ومنه ينقدح الجواز في ابتداء الشركة أي بعد مزج المالين ، ثم إيقاع صيغة الصلح على النحو المزبور ، فيعمل بالمال على هذا الوجه الذي مرجعه إلى الكلي المضمون في المال ، وأنه لا يستحق سواه ، سواء بقي المال وزادت قيم أعيانه أو لا ، وسواء عمل به باذن من الأخر أو لا.
ودعوى ـ أن الثابت صحته من النصوص الصلح عما سبق من الربح والخسران لا ما يتجدد ـ يدفعها منع ذلك أو لا ووضوح عدم الفرق ثانيا ، ضرورة أنه بالصلح صارت شركة على هذا الوجه ، سواء بقي المال على هذا الحال أو لا ، ضرورة أنه لو أراد دفع رأس المال له فنفد أعيان مال الشركة واتفق حصول الربح بذلك لم يكن له إلا رأس المال الذي وقع عليه الصلح قطعا ، وليس ذلك تعد من محل النص الذي هو عند التأمل مطلق ، فإن المراد من قوله « أعطني » الكناية عن استحقاق رأس المال نعم لا يجوز التعدي إلى غير الشركة كالمضاربة ولا إلى غير هذه الصورة في الشركة كالصلح
__________________
(١) البحار ج ـ ٢ ـ ص ٢٧٢ من الطبعة الحديثة.