من غير استيذان ولا تحية من تحايا إسلام ولا جاهلية ، وهو ممن سمع ما أنزل الله فيه وما قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، « ولكن أين الأذن الواعية ».
وعنه أيضا في تفسير قوله ( وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ) ما حاصله أن حكم الأطفال ذلك ، فإن خرجوا عن حد الطفولية بالاحتلام أو بلوغ السن وجب أن يفطموا عن تلك العادة ، ويحملوا على أن يستأذنوا في جميع الأوقات كالرجال الكبار الذين لم يعتاد الدخول عليكم إلا بإذن ، وهذا مما الناس في غفلة عنه ، وهو عندهم كالشريعة المنسوخة ، إلى آخره إلى غير ذلك من النصوص المروية عند الفريقين ، هذا كله حكم من بلغ الحلم.
أما من لم يبلغه فلا يجب عليهم الاستيذان مطلقا ، أما في غير العورات الثلاث فظاهر ، للأصل ونص الكتاب والسنة ، وأما فيها فلأن إيجاب الاستيذان تكليف ولا ـ تكليف على غير البالغ ، ولاشتراط الإيجاب بالبلوغ ، فينتفي بانتفائه مطلقا ، عملا بعموم المفهوم ، وعن التبيان أنه حكي عن الجبائي القول بوجوب الاستيذان على المميزين في الأوقات الثلاثة أخذا بظاهر الأمر ، قال قوم : في ذلك دلالة على أنه يجوز أن يؤمر الصبي ، لأنه أمره بالاستيذان ، والجميع كما ترى.
ويدل على المطلوب أيضا بالتقريب السابق عموم الأحاديث الدالة على « رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم » (١) وأن « انقطاع يتم اليتيم الاحتلام » (٢) كل ذلك مضافا إلى النصوص الدالة عليه بالخصوص فمنها النبوي المرسل في محكي الخلاف والتذكرة ، « إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ما له ، وما عليه ، وأخذ منه الحدود ».
والآخر (٣) « أن عبد الله بن عمر عرض عليه عام بدر وهو ابن ثلاث عشرة سنة فرده ، وعرض عليه عام أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فرده ، ولم يره بالغا ، وعرض عام الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه في المقاتلة » بل قيل : إن الثاني منهما
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات الحديث ١١.
(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات الحديث ٩.
(٣) سنن البيهقي ج ـ ٦ ـ ص ٥٥.