بفرض ضرر الأخر بها ، والضرر لا يدفع بالضرر ، كما اعترف به الفاضل وغيره في الرد على الشافعي في القديم من المساعدة في العمارة ، بل ومع فرض عدمه أيضا بعدم وجوب دفع الضرر عن الغير ببذل مال آخر ، وان لم يتضرر به ، والا لوجب ذلك في الجدار الجديد وغيره.
نعم قد يقال بوجوب القسمة ونحوها أو برفع الأمر إلى الحاكم ، ليرى وجها يحكم به لقطع النزاع بينهما ، مراعيا للجمع بين الحقين ودفع الضرر عنهما من باب السياسات المعد هو لها ، ولعله على ذلك يحمل ما في دعائم الإسلام (١) « وعنه صلوات الله عليه عن الجدار بين الرجلين ينهدم ، ويدعوا أحدهما صاحبه إلى بنائه ، ويأبى الآخر قال : ان كان مما يقسم قسم ما بينهما ، وبنى كل واحد منهما حقه ان شاء ، أو ترك ان لم يكن ذل يضر صاحبه ، وان كان ذلك مما لا يقسم قيل له : ابن أو بع أو سلم لصاحبك ان يرضى أن يبنيه ، ويكون له ذلك ، وان اتفقا على أن يبنيه الطالب وينتفع به ، فإن أراد الأخر الانتفاع به معه دفع اليه نصف القيمة » فتأمل جيدا والله العالم.
ومما ذكرنا يعلم الحال فيما ذكره المصنف وغيره بقوله وكذا لو كانت الشركة في دولاب أو بئر أو نهر أو قناة أو ناعورة أو نحو ذلك ، أي لا يجبر الشريك على المشاركة في عمارتها من غير فرق بين كون المشترك ذا غلة تفي بعمارته ، وغيره عند الأصحاب على ما في المسالك ، وبين القابل للقسمة وعدمها ، وانما نبه بذلك على خلاف أبي حنيفة الذي حكم بإجبار الشريك على المساعدة على العمارة في هذه المذكورات دون الحائط ، فارقا بينهما ، بأن الشريك لا يتمكن من المقاسمة فيها ، فيتضرر به بخلاف الجدار ، فإنه يتمكن من قسمته ، ورد بإمكان كون القسمة فيه أكثر ضررا عليه ، فكانا حينئذ سواء.
نعم لو أنفق أحدهما على البئر أو النهر لم يكن له منع الأخر من نصيبه من الماء الذي ينبع في ملكهما المشترك بينهما الذي أثر فيه نقل الطين عنه ، وليس له
__________________
(١) الدعائم ج ٢ ص ٥٠٥ الطبعة الثانية بمصر.