وظاهر الشيخ والصدوق ، وقد عرفت أن مذهب ابن الجنيد كمال الأربع عشر ، والشيخ موافق للمشهور ، لنصه عليه في مواضع من كتبه ، ونقله في الخلاف إجماع الفرقة عليه ، وإيراده نصوص الثلاث عشر في كتابي الأخبار مع كونه معارضا بمثله لا يقتضي أن يكون ذلك مذهبا له ، وكذا إيراده حديث الثمالي في النهاية مضافا إلى ما فيه من الإجمال المانع من تعيين المذهب ، وما يوهمه الإستبصار من الأخذ بحديث عمار مأول بالضرورة ، لمخالفته الإجماع بل الضرورة.
وأما الصدوق فقد أورد في الخصال والفقيه على ما قيل ما يناسب هذا القول ، وما ينافيه ، وظاهر كلامه في صوم الفقيه موافقة المشهور ، بل كلامه في المقنع يؤيد ذلك ، مضافا إلى خلو الكتب المعدة لنقل الخلاف حتى النادر عن نسبة ذلك إليهما ، بل ظاهر بعضها أو صريحه قصر الخلاف على ابن الجنيد.
واما القول بالعشر فإنه حكاه الخراساني من غير تعيين القائل ، لكن لم نتحققه بل لم يحكه أحد من أصحابنا غيره ، بل ظاهر الكتب المعدة لذكر الخلاف الإجماع على عدمه ، ولعل منشأ الوهم قول بعضهم بصحة بيعه ومضي تصرفه في الوصية ، والعتق ، وجواز مؤاخذته على الجناية والسرقة والارتداد ، ولكنك خبير بأن شيئا من ذلك لا يقتضي البلوغ ، وغايته ثبوت حكم البالغ لذي العشر في مواضع مخصوصة ورد بها النص.
نعم جعل المصنف في النافع خبر العشر رواية في البلوغ ، لكنه لم يعمل به ، والعامل به لم يجعله بلوغا ، بل نص على خلافه ، فلم يثبت للأصحاب قول بالعشر ، كما أنه ظهر لك عدم قول في المسألة غير قول ابن الجنيد ، وأن ما عداه بين ما لا أصل له ، وبين ما استقر الإجماع على خلافه ، بل يمكن دعوى ذلك في قول ابن الجنيد ، إذ هو وإن كان معروف الحكاية عنه إلا أنه قد استقر الإجماع بعده على خلافه.
مضافا إلى ضعف ما ذكر دليلا له من خبر أبي حمزة (١) عن أبي جعفر عليهالسلام « قلت له : جعلت فداك في كم تجري الأحكام على الصبيان قال : في ثلاث عشرة وأربع عشرة ، قلت : فإنه لم يحتلم فيها قال : وان كان لم يحتلم فإن الأحكام تجري عليه »
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ٣.