على أنه إذا أخذه من ماء مباح ، وهذا ليس بشيء لأنه إذا أخذه من موضع مباح فقد ملكه ، والوجهان قريبان ، ويكون الأول على وجه الصلح ، والثاني مر فيه الحكم ، بل في المختلف أن ما قر به الشيخ قريب ».
قلت : ولعل مراد الشيخ أنه يمكن أن يكون الأول على وجه الصلح إذا أراده أما مع عدمها فمر الحكم فيه ، الثاني (١) الذي هو الموافق للضوابط وعلى كل حال فتحقيق هذه المسألة ومسألة الاحتطاب الآتية وما شابهها من المسائل مبني على التحقيق في أن الوكالة في حيازة المباحات جائزة أو لا؟ الظاهر الأول خلافا لما تسمعه من المصنف في كتاب الوكالة ، ومن أن التملك بالحيازة مفتقر إلى نية الملك بها أو الى عدم نية عدم الملك ، أو كونه للغير كما تسمع البحث فيه إنشاء الله.
وحينئذ فصاحب الراوية والدابة إن كانا قد وكلا السقاء في الحيازة لهما أو امرأة بذلك مثلا وقد حازه بنيتهما مع نفسه ، اتجه حينئذ شركة الجميع بالماء ، وكان لكل منهم ثلثا الأجرة على الآخرين ، فإن تساوت لم يرجع أحدهم على الآخر بشيء ، وإلا رجع بالتفاوت ، فلو فرض كون الماء مثلا بيع بأربعة وعشرين ، وكان أجرة مثل السقاء خمسة عشر ، والدابة اثنى عشر ، والقربة ثلاثة ، كان للسقاء منها ثلاثة عشر ، ولصاحب الدابة عشرة ، ولصاحب القربة واحد ، وربما تكون أجرة المثل أزيد من الحاصل ، ولذا احتمل بعض أن له أقل الأمرين من الحصة وأجرة المثل ، إلا أنه كما ترى.
وإن لم يكن ثم توكيل وقد حازه بنية الجميع ، ولم نقل بجريان الفضولية في نحوه ، أو لم تحصل الإجازة ، أشكل ملكه له أيضا بناء على اعتبار نية الملك في الحيازة ، ضرورة كون الفرض نية الملك للغير معه ، فضلا عن نية التملك ، بل حينئذ هو باق على الإباحة الأصلية ، يملكه إذا جدد النية.
نعم لو قلنا بالملك قهرا حتى مع نية الملك للغير التي فرضناها ، اتجه حينئذ كونه ملكا له ، ومن ذلك يظهر لك ما في إطلاق المصنف الذي تبعه عليه الفاضل في القواعد
__________________
(١) هكذا في النسخ ولعل الصحيح « والثاني هو الموافق للضوابط ».