وفيه ـ بعد سهولة الأمر في نحو هذه التعريفات كما أوضحناه غير مرة ، ولذا تجوز وعرف الفلس بهذا التعريف مع أنه أخص من الحجر ـ وضوح إرادة المنع الشرعي من الممنوع فيه ، والأمر سهل.
وكيف كان فتمام النظر في هذا الباب يستدعي فصلين : الأول في موجباته وهي كثيرة متفرقة في تضاعيف الأبواب كالرهن ، والبيع ، والمكاتبة ، والمرتد ، وغير ذلك ، لكن التي جرت عادة الفقهاء بالبحث عنها وعقد كتاب لها ستة : الصغر ، والجنون ، والرق ، والمرض ، والفلس ، والسفه ولعل مرجع الصور إلى قسمين : من يحجر عليه لحق نفسه ، ومن يحجر عليه لحق غيره ، فالأول الصبي والمجنون والسفيه ، والثاني الباقي.
ثم الحجر إما عام في سائر التصرفات ، أو خاص ببعضها ، والأول إما أن يكون ذا غاية يزول سببه فيها أو لا والأول الصغر ، والثاني الجنون ، والخاص إما أن يكون فيه مقصورا على مصلحة المحجور أو لا ، والأول السفه ، والثاني إما أن يكون موقوفا على حكم الحاكم أو لا ، والأول الفلس ، والثاني المرض ، وباقي الأسباب تعرف بالمقايسة ، والأمر في هذا سهل. إنما الكلام في تفصيل البحث فيها وقد تقدم الكلام في الرق والفلس.
أما الصغير فمحجور عليه ، ما لم يحصل له وصفان : البلوغ والرشد بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل الكتاب والسنة دالان عليه أيضا ، والمراد بالأول الذي هو في اللغة الإدراك بلوغ الحلم ، والوصول إلى حد النكاح بسبب تكون المني في البدن ، وتحرك الشهوة والنزوع إلى الجماع ، وإنزال الماء الدافق الذي هو مبدأ خلق الإنسان بمقتضى الحكمة الربانية فيه وفي غيره من الحيوان لبقاء النوع ، فهو حينئذ كمال طبيعي للإنسان يبقى به النسل ، ويقوى معه العقل ، وهو حال انتقال الأطفال إلى حد الكمال والبلوغ مبالغ النساء والرجال.
ومن هنا إذا اتفق الاحتلام في الوقت المحتمل حصل به البلوغ ولم يتوقف على بيان الشارع ، فإن البلوغ من الأمور الطبيعية المعروفة في اللغة والعرف ، وليس من الموضوعات الشرعية التي لا تعلم إلا من جهة الشرع كألفاظ العبادات ، بل قد ذكر أهل