اللغة في ترتيب أحوال الإنسان وأن له بكل حال اسما مخصوصا في الرجال والنساء من أول الخلقة التي يسمى به جنينا إلى حال الشيخوخة في الرجال ، والقلع والطلطا في النساء.
وعلى كل حال فلا يخفى على من لاحظ كلماتهم ان من المعلوم لغة كالعرف كون الغلام متى احتلم بلغ وأدرك ، وخرج عن حد الطفولية ودخل في حد الرجولية وكذا الجارية إذا أدركت واعصرت فإنها تكون امرأة ، كغيرها من النساء نعم يرجع إلى الشرع في مبدء السن الذي يحصل به البلوغ مثلا إذا حصل فيه الاشتباه ، بخلاف الاحتلام والحيض والحمل ونحوها مما لا ريب في صدق البلوغ معها لغة وعرفا ، ولو للتلازم بينها.
أما الأمور المقارنة له في العادة غالبا كقوة التمييز وغلظ الصوت وشق الغضروف ونتو الحنجرة ونهود الثدي ونحو ذلك ، فأقصاها افادة الظن بحصوله ، لعدم ثبوت التلازم المورث للقطع ، ولا دليل على اعتباره في المصداق ، بل الدليل على خلافه قائم ، ودعوى أنها كإنبات الشعر الخشن على العانة ـ يدفعها أن الفارق بينهما الدليل.
وكيف كان فلا ريب في أنه يعلم بلوغه أي الصغير بإنبات الشعر الخشن على العانة التي هي حول الذكر والقبل سواء كان مسلما أو مشركا خلافا للشافعي في أحد قوليه ، ففي حق الكفار خاصة لكونه علامة مكتسبة تستعجل بالمعالجة ، وإنما اعتبرت في الكفار لانتفاء التهمة بالاستعجال في حقهم ، ولأنه لا طريق إلى معرفة بلوغهم سوى ذلك بخلاف المسلمين ، لجواز الرجوع إليهم في معرفة البلوغ والجميع كما ترى ، إذ الاستعجال قائم في الفريقين ، وكذا الحاجة إلى هذه العلامة ، فإن الاحتلام والسن كثيرا ما يشتبه الأمر فيهما بخلافها ، مضافا إلى ما ستعرفه من إطلاق الأدلة ، ولذا اتفاق أصحابنا ظاهرا على خلافه.
نعم ربما نسب ذلك إلى الشيخ ولم نتحققه ، بل قال في الخلاف : « الإنبات دليل على بلوغ المسلمين والمشركين بإجماع الفرقة » وفي التذكرة « نبات هذا الشعر دليل على البلوغ في حق المسلمين والكفار عند علمائنا ، وبه قال مالك وأحمد والشافعي في